17.6.09

قلقيلية ..... مصارع اللئام وعزة القسام



هو مشهد قديم جديد من مشاهد الخسة والخيانة التي دأبت على رسمه أيدي سوداء مأجورة في صفحة هذا الشعب المجاهد المكلوم ، مشهد ندت منه رائحة كريهة زكمت أنوف كل وطني وشريف في هذا الشعب ، ولكنه ايضا مشهد احترافي وبامتياز !! فلعلنا لن نجد مشهدا ذا ملامح واضحة و مدلولات فاقعة بعيدا عن الابهام والتعقيدات كهذا المشهد ولعلنا لن نجد أكثر منه واقعية ، فلا رتوش هنا ولا وجود للكليشهات الزائفة ولا وجود للرموز ولا حتى للسريالية فكل شيء واضح جلي لا يسمح لأي جهة او شخص بالقراءة خارج نصه أو الاجتهاد بعناصره !! .

فما حصل في قلقيلية من احداث دامية راح ضحيتها اثنان من أبرز قادة كتائب القسام - لطالما حلم الكيان الصهيوني باصطيادهم - هو وصمة عار جديدة في جبين اتباع دايتون والنهج الخياني البوليسي ، وهو ايضا فصل جديد من فصول الكتاب الاسود ذائع الصيت ، ذاك الكتاب الذي ما زالت تعلب الادارة الامريكية والصهاينة دور المؤلف فيه والأبطال تاركة لفريق رام الله دور الاداة الرخيصة التي لا وزن درامي "سياسي " لها سوى كونها اداة تنفيذية لا اعتبار لها ولطالما اسقطها التاريخ من صفحات العظماء والشرفاء
.


البعد السياسي والعسكري خير من حلل المشهد وفضح الأكاذيب :-

وعلى ضوء ما تقدم يتضح لنا أن المشهد او الفصل يندرج في سياق فاضح من الاجراءات والخطوات المبنية على جملة من الاتفاقات والتفاهمات المعلنة والسرية الموقعة بين تيار عباس والعدو الصهيوأمريكي والتي تستهدف مشروع المقاومة " الارهاب " مقابل وعودات بحماية ذلك الفريق وإبقاء الشرعنة على تمثيله " للوجود الفلسطيني " والتي كان آخرها الوعودات المقدمة من اوباما لعباس في واشنطن والتي كانت بمثابة الشرارة لبدء الاحداث الاخيرة .

ولعل هذه النتجية اضحت بديهية ولم تعد اتهاما او جزء ا من التنظير الحزبي العاطفي بأية حال ، فمسلسل الاتفاقات السلمية الموقعة والتي كان آخرها خارطة الطريق يشهد بذلك ، فالمرحلة الاولى من الخارطة – التي أضحت الأرضية لأي حل مستقبلي - تدعو لمحاربة الارهاب وتفكيك بناه وهذا ما يحصل فعلا في قلقيلية وكل مدن الضفة ولعل قيادات تيار عباس لم تعد لديهم غضاضة في تأكيد ذلك ، وهذا ما فعله حسين الشيخ أمين سر حركة فتح في الضفة عبر الاذاعة الصهيونية وهذا ما فعله مسئول عباسي كبير عبر ادلائه بتصريحات لصحيفة ايديعوت احرنوت الصهيونية ،وهذا يقود إلى تكذيب رواية الاجهزة الدايتونية حيال ماهية الاحداث في قلقيلية ومن يقف وراءها، باعتبارها اجراءات طبيعية تهدف لتطبيق مراحل خارطة الطريق التي أعلنت ابواق السلطة وقادتها التزامها المتجدد بها .

اما عسكريا فهناك نقطة فارقة تمثل ثغرة فاضحة في الرواية الدايتونية فهل يعقل لمجموعة مطلوبة وبالحاح للجانب الصهيوني والذي كان يعمل على قدم وساق لقتلهم -وتشهد الاجتياحات وهدم المنازل على ذلك - أن يقدم نفسه لقمة سائغة للإجهزة الامنية في دلالة على انتفاء الحس العسكري العالي وحسن تقدير الامور لقائد له خبرة طويلة في المطاردة امتدت لسبع سنوات ناهيك عن الظروف الموضوعية في الضفة والتي تجعل من احتمال تقويض النظام القائم والتهم الزائفة بسعي حماس لتوتير الساحة الفلسطينية واستمرار الانقسام امرا مستبعدا في الوقت الراهن !!



نصاعة المشهد تجرم المواقف الباهتة :-
اما ردود الفعل من بعض التنظيمات الفلسطينية والتي من البديهي ان تكون متابعة لكل شاردة وواردة في الساحة الفلسطينية والتي اختزلت الجريمة ذات الابعاد الخيانية والاستسلامية الواضحة بمسمى الاقتتال الداخلي و المطالبة بلجان تحقيق ، هو أمر معيب يجرم تلك التنظيمات ويضعها في دائرة الشك ويضع علامات استفهام حول التباينات الشاسعة بين الشعارات الفضفاضة والجوفاء التي تتمترس حولها وبين سلوكها وخطابها المتماهي لبعض الجهات والذي في جوهره يغلب المصالح الحزبية والفئوية الضيقة على مصالح الشعب .

وهنا لابد من طرح جملة تساؤلات لابد لتلك التنظيمات والجهات ان تجيب عليها بوضوح أهما ، هل أضحت محددات النهج و السلوك السياسي لأتباع دايتون ذات البعد التاريخي الواضح بحاجة لإستقراء باهت وفاقد للموضوعية لهذه الدرجة ؟؟ وهل أضحى البعد السياسي للقضية الفلسطينية ككل مبهما بحيث لا تستطيع تلك الجهات اتخاذ قرارت واضحة تدلل على استقلالية القرار وجرأة البوح بها على أرضية تغليب المصالح الوطنية التي تتشدق بها ليل نهار ؟!


وكم من تلميذ فاق استاذه !!

لكن هذه الجريمة أحدثت نقطة فارقة في طبيعة أداء تلك الاجهزة والتي اتضح انها فاقت استاذها الصهيوني بكل جدارة ، فلقد سبق العملية حملة اعتقالات ممنهجة طالت اكثر من 90 عنصرا من حماس في المدينة ومتابعات استخبارية تحاكي النموذج الصهيوني والذي اعترف الجانب الصهيوني بكفاءتها ، وأثناء العملية شاهدنا نفس الاسلوب الصهيوني اللااخلاقي باستخدام اوراق ضغط حساسة مثل الاقارب تدلل على الخسة والندالة .

في المقابل فإن التلميذ ايضا فاق استاذه بالضعف النفسي " السكيولوجي " وانتفاء البعد العقدي والشجاعة العسكرية والذي برز جليا من خلال عدم قدرة أكثر من 200 عنصر على حسم معركة ضد شخصين فقط ولساعات طويلة ووقوع خسائر كبيرة مقارنة بمجاهدي القسام الذين رغم قلتهم سطروا ملامح بطولية وقدموا درسا ذات ابعاد عقدية "سكيولوجية " عسكرية لزمرة دايتون .


حدثوهم فهم يسمعون !!
وامام تلك الجريمة النكراء والتي تضع آخر المسامير في نعش الحوار الفلسطيني وتدلل على طبيعة المرحلة القادمة وماهية المخطط التي يستهدف القضية والمشروع المقاوم لابد من كلمة لاتباع ذلك التيار وقتلاهم على وجه الخصوص ، فأقول لهم هل علمتم يوميا غائية سلوككم وانعكاساته على القضية الفلسطينية ؟؟ هل أصبحت حفنة اموال من قنوات قذرة خليقة بأن تتنازلوا عن حقوق الشعب وثوابته ؟؟ هل تظنون أن الظلم قدر له الديمومة ؟؟ هل ظننتم أن الشعوب التحررية تنهزم وأن المشروع المقاوم أندثر يوما ؟؟؟

فأجيب بان سنة الله المتمثلة بالحتمية التاريخية لم تسجلا نصرا وتمكينا إلا للشعوب التحررية وقطاعات المظلومين وبأن ظاهرة الخيانة والتواطىء لابد ان تلفظها الشعوب ، ومصير معتنقيها اعواد المشناق ومزابل التاريخ ، اما جيفهم العفنة فإن الارض تحضنها على مضض ما تلبث أن تلفظهم في أي لحظة سانحة .... فعودوا لإحضان شعبكم قبل فوات الاوان واعلموا أن رهانكم خاسر وسلوككم شائن وأن الهزيمة والاندثار هو مآلكم فالتاريخ لم يخطىء يوما... فهل من معتبر !!!.




عامر سعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق