29.7.09

جبل النار لن تخمد ناره يا دايتون !!





لكم كانت تعتريني مشاعر الحزن والأسى وانا أتابع النشوة الصهيوامريكية إزاء " النجاح " في تحويل عاصمة الإرهاب الفلسطيني نابلس – جبل النار – إلى مدينة للغناء واللهو وافراغ وعائها من كل مفردات المقاومة والتضحية والفداء ورفض الغاء الهوية النابلسية والتي تشكلت عبر شلالات الدماء والاف الاشلاء من ابنائها ، و حشوه بكل مفردات الأمركة – عبر صنيعتها فياض - وما تحمله من دلالات تلخصها عبارات الخنوع والقبول بالمشروع الصهيو امريكي والذي لم يسجل التاريخ يوما بأنه جلب الخير لشعب يسعى لاستعادة حقوقه المسلوبة ! .

فما تناقلته وسائل الاعلام الصهيوامريكية خاصة صحيفتي نيويورك تايمز ويديعوت احرنوت من تقارير تعلوها نبرات النشوة والظفر ازاء التحولات الايجابية – حسب زعمهم- التي طالت المدينة تركت بالغ الاثر في نفوس الشرفاء في المجتمع النابلسي والذين تابعوا و بمرارة بالغة المخطط الممنهج للقضاء على تاريخ المدينة وثقلها التحرري في مسيرة الشعب الفلسطيني لعقود طوال ، والعمل على تحويلها و بكل خسة ونذالة لانموذج مقزز جديد في قاموس مشروع الامركة ، والذي تتلخص ملامحه بالحفلات الماجنة وجيل الراب والتقدم الاقتصادي الهلامي واستمراء الذل والخنوع للإرادة الصهيوامريكية في اثواب عذرية خادعة .

وكم كانت المرارة مركبة ونحن نرى ابناء جلدتنا يمررون تلك المخططات من منطلقات انتهازية تتعلق بمستقبلهم السياسي المحدود ، بل ويقدمون مبررات ساذجة و وعودات فضفاضة ترتدي طابعا اقتصاديا حول اعادة الوزن الاقتصادي لهذه المدينة .

لكن ما لمسته من ابناء هذه المدينة و ما سمعته من بعض الاقتصاديين الكبار في المدينة ازاء تلك المخططات ذات الطابع الاقتصادي المحض احدثت تغيرا كبيرا في تصوراتي ودفعتني للتفاؤل ، حيث أكد لي هؤلاء الاقتصاديون بأن رأس المال " النقدي " الذي يلوح به فياض لم يبن يوما اقتصادا واعدا لأحد فكيف اذا أضيف له أن هذا المال يعتبر قذرا كونه محكوم بإرادات تعود للمحتل ومن يدعمه ؟؟!!!


وتكلل هذا التفاؤل بالنجاح من خلال حدث بسيط ولكن يحمل في طياته رمزية كبيرة ومدلولات مهمة ، حدث جاء ليبدد تلك النشوة المفتعلة للمشروع الصهيوامريكي ويثبت هلامية نجاحهم المعلن ، فما حدث فجر اليوم من احراق لمنصة الحفلات " المسرح " في دوار المدينة والتي كانت تبث السموم المؤمركة لأبناء المجتمع النابلسي وردود الافعال الايجابية من الشارع النابلسي إزاء الحدث افقدت اصحاب هذا المشروع صوابهم ، ولم تفلح معه تبريرات احد الناعقين باسم سلطة دايتون والتي حمل فيها الصهاينة المسؤولية عن الحادث في مشهد يدعو للضحك ، فهل يعقل أن يحرق الصهاينة مشروعا لطالما حلموا بحصوله وتجسده على ارض الواقع ؟؟!! ، فالحادثة أكدت للقاصي والداني بأن المدينة لن تخضع بسهولة للمخطط الذي يستهدفها ، وبأنه من الإستحالة بمكان أن تستحيل مدينة الشهداء ومعاقل " الارهاب " و " جبل النار " - والذي اكتسبت اسمها تاريخيا عبر مسلسل طويل من عمليات المقاومة والثورات ضد المحتل واذنابه ومخططاته لافراغ المدينة من مضامينها الاساسية باعتبارها خط دفاع اساسي عن حقوق هذا الشعب ومنجزاته - لمدينة للرقص والمجون دون ادنى مقاومة .

وأخيرا ورغم بساطة الحدث فإن نابلس ارادت ان تذكر الجميع بأن مدينة خرجت قادة المقاومة الفلسطينية بكافة اطيافها وقدمت الاف الشهداء في مسيرة مقاومتها للمحتل واذنابه واذاقت المحتل عبر عقود كأس المنون لن ترضخ ولن تنكسر وبأنها ستبقى نبعا لا ينضب ومخزونا بشريا سيبقى يخرج رجالا كأبي هنود ومهند الطاهر وحلاوة والحنبلي والسركجي وابو شرخ وابو غلمة والجمالين وعصيدة والقذافي والشيخ ابراهيم والالاف من الرجال الذي سقطوا في معارك الشرف والعزة في الدفاع عن فلسطين ، وارادت ان تذكر الجميع ايضا بأن كنافتها ذائعة الصيت لن تكون حمرتها نتاج صبغة مصنعة في اروقة البيت الابيض ومكاتب العدو الصهيوني بل هي حمرة مصدرها دماء ابنائها الرافضة لمشاريع المحتل والامبريالية العالمية وبأن نارها التي لطالما وقفت في وجوه الغزاة لن تخمد ابدا !! .



عامر سعد


للإطلاع على التفاصيل

17.7.09

نهاية رجل " قدومي " !!





هي الحقارة التي تأبى أن تغادر أهلها ، وهي الشعوب ذات الذاكرة المثقوبة والانتهازية المعهودة ، وهي العمالة التي تقترن مع ظاهرة الشعوب التحررية ، وهي الحقيقة التي لطالما تعرضت – وستظل – لحروب طمس وإلغاء وتشويه ، تلك إذن هي العناصر التي تلخص المشهد السياسي الفلسطيني عقب تصريحات فاروق القدومي احد اهم رجالات فتح ومؤسسيها الاوائل والتي وجه فيها الاتهامات للسيد محمود عباس ومحمد دحلان بالمشاركة في التخطيط مع رئيس الوزراء الصهيوني السابق شارون في التخطيط لإغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات .

فالتصريحات التي أدلى بها فاروق القدومى كانت بمثابة معيار جديد للحكم على ماهية ودور المكونات الاساسية وأهم الفاعلين في الساحة السياسية الفلسطينية ، وكانت بمثابة شهادة ذات وزن وثقل تتعلق بقيادات فلسطينية متنفذة وتملك آليات صنع قرار في بقعة فلسطينية هامة ولها دور فاعل في صياغة البرنامج والسلوك الفلسطيني على كافة الاصعدة ، وكانت بمثابة معطيات هامة ستعتبر مرتكزات هامة لأي دراسة أو تحليل سياسي سيتناول حركة فتح وبالتالي تحديد طبيعة المواقف والعلاقات التي ستتبناها وتكونها المؤسسات والحركات الفلسطينية الاخرى مع حركة فتح في المستقبل المنظور على اعتبار ان الحركة تعتبر مكونا اساسيا من مكونات المجتمع الفلسطيني لا يمكن الغاؤه أو تحيده .


التصريحات في ميزان السياسة :-

لعل القاعدة الهامة القائلة بأن " التحليل السياسي الغوري المؤدي إلى اتخاذ مواقف عقلانية " قد أضحت جوهر علم السياسة والذي يختص بطبيعة الحال بمختلف الظواهر السياسية ويعمل على حلحلتها والوقوف على مسبباتها واهم لاعبيها وما ستئول إليه مستقبلا ، وعند اسقاط هذه القاعدة على تصريحات القدومي يبرز لدينا مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية كانت تقف وراء هذه التصريحات بعيدا عن الفهم الضيق والتي تقف وراءه مجموعة من العواطف المفتعلة والهيجان والنشوة ذات الابعاد التبريرة أو التنافسية باختلاف هوية الجهة أو الشخص الذي صدر منه موقف حيال هذه التصريحات .

فالتصريحات في ميزان السياسة صدرت اولا من شخصية لها وزن وثقل كبيرين وصدرت من شخصية تعرضت لجدلية تعاظمت بعد استشهاد الراحل عرفات حول اعتبارها الشخصية الاولى ام الثانية في حركة فتح ، ففاروق القدومي هو امين سر حركة فتح وعضو لجنتها المركزية ويعتبر أحد مؤسسيها الاوائل وليس شخصية ثانوية أو حتى من قيادات في الصف الثاني أو الثالث ، وهذا بحد ذاته يعتبر في حقل السياسة نصا جوهريا ومرتكزا اساسيا ومنهجا سيسهم بشكل كبير في فهم الظاهرة الفتحاوية وتحديد موقعها في الجسد الفلسطيني وكيفية التعاطي معها سياسيا وشعبيا في المستقبل المنظور .

لكن وفي ضوء القاعدة سالفة الذكر – وبشكل مقتضب وعلى شكل تساؤلات كون التصريح تصدى له الكثيرون تحليلا ودرسا - فإن الخطاب قد اكتنفته واعقبته جملة من التساؤلات والتحليلات والتفسيرات الهامة تمحورت أولاً حول توقيت التصريحات والتي اتخذت ابعادا ثلاثة ، البعد الاول علاقته بالظرف الزمني لحدوث الجريمة ، والبعد الثاني علاقته بالإستحقاقات الفتحاوية القادمة وأهمها المؤتمر السادس والذي سيعتبر منعطفا كبيرا لهذه الحركة ، والبعد الثالث علاقته بالظرف السياسي الفلسطيني العام والذي يمر بمرحلة عصيبة وتعصف بكل مكوناته ومنجزاته مجموعة من الظروف الداخلية والخارجية والتي تهدد كينونته وهويته .

وثانيا تتمحور حول أسباب و اهداف وغايات فاروق القدومي والتي تتخذ ايضا ابعادا ثلاثة ، البعد الاول وزن فاروق القدومي في ظل الصيرورات التي تمر بها الحركة على كافة الصعد ، البعد الثاني استمرار وتكرس سكيولوجيا التسلط والديكتاتورية في مدركات بعض قادة فتح والتي تهدد مجمل القيادات الاخرى ومنها فاروق القدومي بطبيعة الحال ، البعد الثالث تكرس الانقسام الجيو سياسي " الجيوبولوتيكي " بين قطاعات شعبنا وبالتالي حركة فتح وهذا بطبيعة الحال يشغل ذهن فاروق القدومي لما له من ابعاد على وزن بعض القيادات الخارجية في سلوك فتح وخطابها وصياغة مجمل سياساتها .

ثالثا طبيعة وفحوى التصريحات والتي حملت اتهامات على درجة كبيرة من الخطورة كونها تتهم – بالخيانة- قيادات فلسطينية تملك آليات صنع قرار ولها دور فاعل في تحديد مستقبل وحاضر الشعب الفلسطيني وفي التاثير على قضيته ومسيرته التحررية ولها دور فاعل ايضا في تحديد شكل العلاقات الفلسطينية الداخلية .


على خطى هاني الحسن :-

بعيدا عن التحليلات والتفسيرات حيال هذه التصريحات والتي ستساهم بلا شك في بناء مواقف متباينة وسيكون لها مفاعيل على الواقع الفلسطيني ، فإن هناك قضية باتت تثار حول مستقبل فاروق القدومي عقب هذه التصريحات والتي اود أن اثيرها وأن أضعها في سياق تاريخي وفي ضوء منهج تجريبي سيجلى كثيرا من الامور .

فهنا لا بد من الاستشهاد بمقولة هامة للشهيد صلاح خلف " أبو إياد " في كتابه فلسطين بلا هوية حيث قال " إن دخول حركة فتح في منظمة التحرير أفقدها طابعها الثوري ... وغلبت علينا البيروقراطية " وهذا يقودني لأشير إلى أن بنية فتح البيروقراطية والتي تكرست عبر عقود طوال أدت إلى تنفذ المال السياسي وتحوله لأداة جوهرية في صياغة مواقف الحركة وفي بناء البنية الفتحاوية برمتها ، وهذا يعني بأن من يملك قرار فتح هو من يملك المال وبأن القيادات ذات الابعاد التاريخية والرمزية والتأسيسية لا قيمة لها في حال خالفت وجهة نظر وقرارات من يملك المال السياسي .

وهذا ما حصل فعلا لهاني الحسن سابقا والذي يعتبر من المؤسسين الاوائل للحركة والذي أعلن عن موته تنظيما وسياسيا عقب تصريحاته المنتقدة لمحمد دحلان وتجريم الحركة والاقرار بوقوفها وراء احداث غزة والتي أدت لحسم الامور من قبل حركة حماس ، وهو ما سيحصل لفاروق القدومي بطبيعة الحال فحركة فتح لم تعد حركة لها مؤسسات تنظيمية حقيقية وبنية ذات شخصية قانونية ورقابية بل تحولت وبفعل المال لأداة بيد شخوص بعينها تستطيع تحريك القواعد الفتحاوية وصياغة القرار الفتحاوي كما تشاء وهذا ما لمسناه من ردود فعل من اقاليم فتح في الضفة والقطاع وبعض الاقاليم الخارجية حيال الخطاب والتي لم تقم وزنا للقدومي ولم تذكر تاريخه النضالي بل تبنت طرحا قاسيا وانتقائيا متنكرا لوزن هذه الشخصية ومفاعليها التاريخية .


الشعب والرهان الخاسر :

وهنا لابد ايضا من دراسة الردود الشعبية على تصريحات القدومي ، وهنا سأبتعد عن العواطف وسأبتعد عن المحاذير وبعض القيود ، لأقول إن تلك الردود الباهتة والقاصرة واحيانا المتواطئة من البعض قد أستسيغها من شعب لا يرزخ تحت احتلال ولا يملك دافعية ومنظومة قيمية وسلوكية تمكنه من تبنى مواقف على درجة من الاهمية حيال قيادات متنفذة تثار حولها الشكوك والتي بطبيعة الحال ليست على درجة كبيرة من التعارض من سلوكها وممارستها الحقيقة على الارض ، فالشعب الفلسطيني شعب تحرري يخوض حرب تحرر طويلة افقدته الكثير وكل ذلك على أساس قاعدة جوهرية مفادها رفض الظلم الواقع عليه ورفض العبث بمقدراته ورفض سلب ارادته وطمس هويته وكيانته وشخصيته المستقلة ، ولكن ما يحصل في الاونة الاخيرة وخاصة في الضفة هو نقيض كل ذلك فالشعب التحرري وذات الدينامية والارادة الحية تحول لشعب خانع ذليل يرى الخيانات والتواطىء وعمليات المسخ لهويته ومقدراته ومنجزاته من ذوي القربي دون ان ينبس بكلمة او بفعل يندرج في سياقات تاريخية كان عنوانها رفض الظلم والخضوع ،بل على العكس أضحى يتعامل بشكل مرضي وباهت لا يتناسب مع شعب قدم كل تلك التضحيات .

فتصريحات القدومي بصرف النظر عن مصداقيتها فهي تعطي مؤشرات واضحة وتأكيدات هامة ترتبط بالسلوك الشائن لسلطة رام الله ومفاعيلها على الارض و التي تتعارض مع مصالح الشعب ، وهذا بطبيعة الحال كان يتطلب ردة فعل جماهيرية حازمة تنهي الارتكاسات المتزايدة وتعيد توجيه البوصلة ووضعنا في الطريق الصحيح دون الالتفات لمخاطر أو سيل دماء جديدة فنحن شعب يخوض معركة تحررية يجب ألا تقعده الدماء والاشلاء وهذا لا يندرج في خانة المثاليات بل هو منطق اكدته التجارب التاريخية وهذا ما يجب فعله والا تواصل انحدارنا وضياع حقوقنا ومنجزاتنا واضحينا مثالا حيا من افرازات قاعدة ميكافللي بأن الشعوب منافقة وتنحاز للأقوى .


من بريمر العراق إلى دايتون فلسطين .... تتضح اسباب منع الجزيرة :

كما لابد ان اشير لانعكاسات التصريحات الاخيرة على بعض وسائل الاعلام وخاصة الجزيرة ، فما حصل بالامس من قرار يمنع استمرار عمل الجزيرة في الضفة بسبب نقلها للتصريحات الاخيرة ليس بالامر المحدث في قاموس النظم الموالية للإحتلال والمنسلخة عن شعوبها ، فالجزيرة على وجه الخصوص تعرضت لمنع من قبل الحكومات العراقية والتي كانت تأتمر بأمر بريمر الحاكم الفعلي للعراق وذلك بسبب نقلها لكافة جوانب المشهد العراقي والذي بطبيعة الحال سيكون للجانب المقاوم - باعتبار العراق ترزخ تحت الاحتلال – حصة الاسد وهذا لا يمكن ان يتماشى مع سياسيات الحاكم الفعلي وبالتالي ادى إلى اغلاق القناة ، وهذا تكرر بالامس في ضفتنا العزيزة فسياسة قناة الجزيرة لا تتماشى مع سياسة الحاكم الفعلي للضفة كيث دايتون ولهذا تم منع القناة ، وكل ما تم تسويقه في بيان " وزاة الاعلام لفياض " ما هي الا ادعاءات لم يقبلها حتى الناطق الاعلامي باسم حكومة فياض غسان الخطيب وحاولت حركة فتح التنصل منها لمعرفتها بمدلولات المنع وانعكاساته السلبية على الحركة فسارع عزام الاحمد لنفي علاقة فتح بمنع الجزيرة في محاولة يائسة لتغيير مفهوم حزب السلطة الذي يلازم حركة فتح وبالتالي يجرمها .

اخيرا فإن نهاية رجل قدومي باتت مسالة وقت لا أكثر وبات غيابه عن المسرح التنظيمي والسياسي امرا حتميا ، ولا بد ان أنوه هنا بأنني لم أقصد من العنوان نعت القدومي بالشجاعة كوني غير مقتنع بدوافع تصريحاته ومعظم سلوكه السابق ، بل اعتبر القدومي ظاهرة بحد ذاتها حصلت في الماضي والحاضر وقابلة للحصول مستقبلا !!



عامر سعد

للإطلاع على التفاصيل

10.7.09

حماس والايديولوجيا ..... رؤية تحليلية !!





لقد أضحى من نافلة القول الإقرار بأن الكثير من النظم السياسية والاحزاب والحركات و مراكز الدراسات والابحاث تعتبر دراسة حركة حماس وتحليل نصها السياسي وممارستها الاجتماعية و السياسة وتحديد ماهية اطارها الفكري العام وما يطرأ على كل ذلك من نمو و تغيرات أمراً جوهريا في صياغة سياساتها ومواقفها ومخرجاتها المعرفية تجاه فلسطين والمنطقة برمتها ، في ضوء اقرارهم الجامع بأن حماس أضحت لاعبا اساسيا في المعادلة السياسية اقليما و كونها تتمتع بدينامية عالية يصعب معها اختزالها في قوالب جامدة وتنميط خطابها وسلوكها بمبادىء ثابتة لا تتغير مما يعني ضرورة اخضاعها المستمر للبحث والدراسة .

وهذا بطبيعة الحال إنسحب مؤخراً على خطاب الاخ خالد مشعل والذي يعتبر نصا سياسيا هاما في ضوء التطورات الاخيرة التي تعصف بمنطقتنا وفي ضوء تنامي دور الحركة والاقرار الدولي بضرورة التعاطي معها ، فالخطاب كان له أصداء واسعة وتداعيات كبيرة جلبت المزيد من الدراسات والتصريحات والمقالات التي تتناول الحركة بنية وسلوكا ، ومازال الخطاب وليومنا هذا مدارا للبحث والجدل الواسعين على مختلف الصعد والميادين .

لكني هنا ساتناول تلك الدراسات والتصريحات والمقالات التي تعاطت بسلبية مع النص السياسي – الخطاب- والتي حرصت على تحميله مفردات مفخخة أريد لها أن تنسف المرتكزات الفكرية للحركة أو حاولت وبمنهج فلسفي لايرقى لمستوى الحقيقة أن تسلخ حماس عن فكرها المؤسس وايديولوجيتها المنبثقة من الدين الاسلامي ممنية النفس بأن تنفض الجماهير عنها أو من خلال محاولات تهدف لتدجين الحركة ووضعها تحت عباءة البعض بكم هائل من مفردات المديح والاطراء التي ترتدي طابع الخداع ونصب الفخاخ حول حدوث تغيرات جوهرية ايجابية في ايديولوجيا وسلوك حماس .

وهنا سأرد وبكل موضوعية وعلمية صرفة على تلك الجوقات المسمومة لبعض التظيمات و على بعض البيانات الساذجة لتنظيمات مجهرية – كما وكيفا –ودراسات كان آخرها دراسة اعدها المعهد الاميركي للسلام ، وردي سيعتمد و بشكل اساسي على توضيح الايديولوجيا كمصطلح وابعاد وأسس وعلى اهمية الادلجة وعلاقة حماس بالايديولوجيا لأخلص اخيرا إلى أن مجمل التعاطي السلبي مع الخطاب لا يعد كونه زوبعة في فنجان السياسة وتجريدا ساذجا أراد اضعاف حماس في أحلام هؤلاء وخيالهم المرضي .


ما هي الايديولوجيا ؟

تعتبر الايديولوجيا من المصطلحات التي ما زال يثار حولها جدل محتدم كونها تعتبر مصطلحا اجتماعي – تاريخي ينطوي على تطورات وصراعات ومناظرات اجتماعية وسياسية متعددة ، وبالتالي يعتبر من المصطلحات التي تمر بصيرورات دائمة يستحيل معها أن توضع في اطار اصطلاحي محدد ، حيث أن الايديولوجيا تعتبر عند بعض المدارس الفكرية كالماركسية صنيعة الطبقة البرجوازية لتوطيد دعائم سلطتها وعند المدرسة السلطوية – كما اكد نيتشه – وهماً نحتته الطبقات المقهروة لمقاومة الاسياد وعند الليبراليين تعتبر بؤسا ومثاليات أدت إلى انسلاخ الكثيرين عن الواقع المعاش وفي فكرنا الاسلامي نجد تمييزا بين الايديولوجيات الوضعية والايديولوجيات المنبثقة من الدين ، فالأولى أشقت البشرية والثانية ستكون سبب اسعادهم ونجاتهم في الآخرة – كما أكد العلامة يوسف القرضاوي - .

وبعيدا عن تلك التناقضات والجدليات التي واكبت الايديولوجيا فإنها تعني نسقا فكريا شاملا تمثل دليلا للعمل السياسي وتقدم رؤية للتاريخ وتعطي الحياة معنا وهدفا وتشكل اطارا فكريا عاما لمجمل السلوك الاجتماعي والسياسي ، أما في حقل السياسة فتعني مجموعة من المبادىء السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقيم الاخلاقية التي ينتهجها حزب او نظام سياسي ويتم السعي لتحقيقها على ارض الواقع ، بمعنى آخر فالايديولوجيا هي العقيدة السياسية للاحزاب والحركات والنظم السياسية وقد كانت تعتبر علمانية إلى فترة قريبة كونها تصاغ على ايدي مفكرين ومنظرين ، لكن صعود الاحزاب الإسلامية في العالم وطبيعة المصطلح المتحولة أدت إلى بروز الايديولوجيات المنبثقة من الدين.

وبناء على ما تقدم نستطيع أن نحدد المرتكزات الاساسية لبناء المحتوى الايديولوجي بثلاثة أسس وهي الرغبة والمؤسسة والقيمة ، فالايديولوجيا تبدأ برغبة سياسية اجتماعية تحتاج للإشباع ولا يتم ذلك إلا عبر مؤسسة - الحزب او النظام السياسي – والتي بدورها تضفي قيمة تتخذها كهدف لتبرير سلوكها ، كما ونستطيع أن نرى أن للأيديولوجيا ابعادا خمسة وهي " ادراكي وإثاري وقيمي ومناهجي واجتماعي " – وهنا تعمدت عدم التطرق إلى انواع الايديولوجيات وسأكتفي بذكرها " دون القومية ، القومية ، الوطنية ، الدولية ، المنبثقة من الدين ".


الأدلجة ضرورة سياسية اجتماعية :


لم ينته الجدل حول الايديولوجيا في حدود المضامين بل تعداه ليطال الايديولوجيا بين الضرورة والبؤس - وهنا علي أن أقر بأن الأيديولوجيا في مراحلها الأولى كانت تعبيرا عن الافكار الكريهة والرجعية – وهذا الجدل ناجم عن تباينات المدارس الفكرية ، فنجد أن بعض تلك المدراس تناولت الايديولوجيا بعناوين ك " بؤس الايديولوجيا " و " موضة بالية " باعتبارها معتقدات سابقة لا تبنى على تجربة ، فهي حسب زعمهم من باب المراهقة الفكرية ، في مقابل مدارس تناولتها بعناوين ك" عصر الايديولوجيا " وغيرها باعتبارها حاجة ملحة واطاراً فكريا عاما لا يمكن للإنسان بدونها من تحديد موقعه في البناء الاجتماعي السياسي .

وحل تلك الجدلية وبيان أهمية الايديولوجيا وتفوقها على من نادى بموتها وبؤسها ، هو أن الذين نادوا بموتها وإزالتها قد قاموا بتقييمها ، والتقييم بحد ذاته يمثل ايديولوجيا لأنه ينطوي على أفكار تنتظم لتشكل منظومة فكرية متكاملة تستخدم للتقييم وتبرير مختلف السلوكيات مما يعني وقوعها تحت طائلة الايديولوجيا ، ناهيك عن كون البشر ينظرون للعالم ولمختلف الظواهر من خلال منظومة فكرية قيمية والتي تمثل بحد ذاتها ايديولوجيا وهذا يقود إلى أن الايديولوجيا تعتبر امرا جوهريا في حياة الانسان فلا مجال لازالتها أو الفكاك منها كما وتعتبر فرعا هاما في حقل العلاقات العامة والذي يعتبر جوهر العصر الحديث والمحرك الاساسي له .


حماس تشب عن الطوق :-

لقد أدى صعود الاحزاب السياسية - التي تتبنى ايديولوجيات منبثقة من الدين - بقوة في الحياة العامة خاصة في منطقتنا إلى خلق دراسات تتصدى لهذه الظاهرة وتحاول ايجاد رؤية نقدية تحليلية لها ، وهذا ما حصل فعلا ، لكن جل تلك الدراسات أجمعت على أن تلك الاحزاب ذات محدودية كبيرة في احداث تطور في الفكر السياسي لديها وفي احداث قطيعة معرفية كونها تستند لنصوص ثابتة جامدة لا تستطيع مواكبة متغيرات العصر ، فهي بذلك تعتبر احزاب رجعية ومنسلخة عن الواقع وبما أن حماس جزء من تلك الاحزاب والحركات فلم تسلم للأسف من تلك التعميمات المختزلة والفاقدة للشمول والدراية الكاملة.

لكن استطاعت حركة حماس أن تثبت لهؤلاء ولجميع المراقبين بأنها تقدم نموذجا مغايرا ومتحررا من قيود تلك التعميمات الاختزالية الجائرة ، فحماس قدمت نموذجا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة الاحزاب التي تتبنى ايديولوجيا منبثقة من الدين الاسلامي – على وجه الخصوص – فالنص المؤسس في الشريعة الاسلامية والذي يعتبر المرتكز الاهم في ايديولوجيا حماس لم يتم التعامل معه من قبل الحركة باعتباره نصا جامدا وذا وسائل متجمدة بل اعتبرته نصا يمتاز بالواقعية الجادة – كما اكد سيد قطب في المعالم – يستطيع أن يواكب متغيرات العصر مما يعني رفد الحركة بتصورات متجددة ودائمة وايضا بما يشكله هذا النص من رافعة كبيرة أدت لاحداث تطورات ملموسة في الفكر السياسي للحركة وايضا أدت إلى خلق هامش كبير من المناورة والحنكة فاجأ أشد المتفائلين ، وهذا تكرس في خطاب الاخ خالد مشعل الاخير حيث لمسنا تطورا سياسيا كبيراً وهامشا للمراوغة افقد الغرب وأعتى الدبلوماسيين صوابهم ، ولكن وللأسف لعل هذا التقدم المذهل قد صدم بعض المتربصين وارادوا الاستفادة من حالة الخواء الفكري لدى شرائح مجتمعية كبيرة في هذا العالم ليحاولوا بسذاجة تم تغليفها بصياغات عاطفية وجامدة أن يصورا الخطاب بانه انسلاخ عن الايديولوجيا وبداية التنازل ومحاكاة تجارب مريرة أخرى ، كما وتكامل الجهد الخبيث مع دراسة ساذجة للمعهد الامريكي للسلام والذي تحدث عن تغيرات ايديولوجية لدى الحركة ، والذي اجيب عليه في ضوء ما قدمته بأن الايديولوجيا يجب أن تمر وسائلها وآلياتها بعمليات تهذيب واعادة تقييم وصياغات وبذل الجهود المضنية لجعل المصلحة المجتمعية في لب الايديولوجيا ، وهذا في حالة الايديولوجيات المنبثقة على الدين الاسلامي والفهم السليم والواعي للنص المؤسس القادرعلى مواكبة كافة المتغيرات يعتبر أكثر نضجا ومقدرة على إستيعاب الواقع المعاش ومجمل التغيرات الحاصلة ، وهذا بطبيعة الحال يحتاج لنضج فكري لدى قيادة الحركة في كيفية فهم النص المؤسس والتغيرات الحاصلة ووضعها في الاطر الصحيحة ويتطلب ايضا نضجا سياسيا وتنظيميا ومجتمعيا كبيرا وليس بالامر الاعتباطي .


زوبعة في فنجان !

على ضوء ما تقدم يتبين لنا بأن الايديولوجيا المنبثقة من الدين الاسلامي – والتي تتبناها حماس- تشكل حصانة فكرية وسلوكية للحركة واطاراً محددا وصلبا يمنع الانحرافات الكبيرة ، كما وتشكل رافعة وداعما صلبا لها وهذا ما أكدته الوقائع والتنامي الملحوظ في ثقل حماس السياسي والاجتماعي .

فالحديث اذن عن انسلاخ وانحرافات وتغيرات تطال الجوهر والمضامين الأساسية ما هو سوى هرطقات يرفضها الواقع والحقيقة ، وما حصل من قبل بعض الاحزاب خاصة المجهرية منها وبعض الدراسات السطحية لن يغير من واقع كون حركة حماس تتمتع بايديولوجيا صلبة - لم تتجاوزها يوما – ومرنة – قادرة على مراعاة متغيرات الواقع دون ذوبان – وفعالة – قادرة على احداث اختراقات كبيرة واكساب الحركة دينامية وثقل مكناها من لعب دور هام على صعيد القضية الفلسطينية وقضية الامة ككل - .


عامر سعد

للإطلاع على التفاصيل

4.7.09

فلسفات التغيير



التغيير مصطلح لطالما ارتبط بمجمل المنعطفات التاريخية المفصلية ولطالما اعتبر اساساً للتقدم والرقي البشري على مدار العصور والازمان ، فالمصطلح ينطوي على مضامين التطور والنهوض والتقدم والاصلاح والتي تعتبر مرتكزات اساسية لسيروة العالم ككل .

لكن في المقابل يعتبر مصطلح التغيير من المصطلحات المثقلة بالدلالات المتنوعة والمتناقضة ويحمل ابعادا كثيرة ومتباينة جعل من تمحيص هذا المصطلح بغية الوصول لتعريف جامع امراً شبه مستحيل ، وذلك عائد لكون المصطلح مر بصيرورات كثيرة تبعاً للظروف الموضوعية والانساق الفكرية والانماط التربوية والمعيشية ، والذي أدى بطبيعة الحال لبروز فلسفات متباينة ازاء التغيير ووسائله – تجنبت هنا الدخول في جدلية كون التغيير وسيلة أم فلسفلة أم مذهب وايديولوجيا متبناة - .

وفي هذه الدراسة المقتضبة جدا – والتي حرصت فيها على السلاسة في الطرح قدر الامكان - سأحاول التصدي لأهم تلك الفلسفات بغية اعطاء تصورات واضحة الملامح تسهم في وضع الاخوة الاعضاء على اعتاب المعايير السليمة في الحكم على فلسفات التغيير المتبناة من الاحزاب والحركات داخليا وأيها الكفيلة بتحقيق النهوض واستعادة الحقوق وأيها ذات طابع شمولي يستطيع استيعاب الظروف الموضوعية ومعالجة مختلف التحديات والتهديدات التي تواجهنا .


1-فلسفة الإصلاح الاجتماعي :-

هي فلسفة قائمة على خلق بنية اجتماعية ذات منهجية فكرية واحدة بغية تحقيق اهداف وغايات مشتركة ، ويتم ذلك عن طريق ثلاثة مراحل اساسية هي التعريف والتكوين والتنفيذ – وهي مفاهيم عامة لا تختص فقط بجامعة الاخوان المسلمين - ، فمرحلة التعريف تبدأ ببلورة النهج لدى الفرد الذي يعتبر المؤسس لتلك الجماعة أو الحزب ، والذي يعمل على نشر الفكرة العامة للمنهج بين الطبقات المجتمعية - وهي فترة وعظ وارشاد وعمل اجتماعي مؤسسي - من اجل خلق بنية اجتماعية تساهم معه في تغيير عقيدة النظام القائم أو دحر المحتل واستبداله بمنهجه والذي إما ان يكون منهجا ربانيا أو منهجا مستمدا من ثقافة وتاريخ الأمة أو الإثنين معا .

ومن ثم مرحلة التكوين والتي يكون جوهرها انتقاء عناصر تحمل مزايا مميزة والقيام بزرع أهم أسس ذلك المنهج وتبعئتهم بمفاهيمه وخلق منظومة قيمية تتسق مع ذلك المنهج وغاياته ، ويتم ذلك عبر التربية الممنهجة والتي تستهدف الجوانب النفسية والجسدية والفكرية والروحية للفرد ، ومن ثم تتسع الدائرة لتشمل الشرائح المجتمعية برمتها بعد أن يكون الاساس متينا ، وهنا حصل الاختلاف بين جماعة الاخوان والقوميين العرب ، حيث تعتمد الاولى على التربية الشمولية اما الثانية فتأسست على الجوانب العاطفية والاثارية لا اكثر مما اضعفها وأدى إلى تآكلها .

المرحلة الثالثة وهي مرحلة التنفيذ وهي مرحلة شمولية لأنها لا تتخذ شكلا اصلاحيا تدريجيا فقط باعتبارها انبثقت من البنى المجتمعية بل تستطيع ان تتخذ شكلا ثوريا أو انقلابيا لتغير النظام القائم في حال عجز شكل من اتمام ذلك .

ايجابيات تلك الفلسفلة :-

1-استحالة الفناء : وذلك بسبب اعتمادها على بنى اجتماعية راسخة تم تربيتها لعقود مما يجعل حدوث تفسخ أو اندثار امام أعتى وأشد المحن والابتلاءات والعواصف أمراً مستحيلاً – باستشناء التي تقوم على تربية عاطفية محضة - .
2-حتمية تحقيق الاهداف : لأنها تعتمد في بناء المنهجية الفكرية للبنى الاجتماعية على مفاهيم ذات طابع دفاعي مستميت كالتضحية والبذل والجهاد وهذه مفاهيم تستحيل معها وجود مفردات الاستسلام والخنوع والنكوص والردة .
3-الشمولية و التي تمكنها من الافتعال في عملية التغيير من شكل لأخر – من اصلاحي لثوري أو انقلابي - .

سلبياتها :-

1- يؤخذ على تلك الفلسفة انها تحتاج لوقت طويل للوصول لأهدافها وغايتها .
2-تعتبر بعض وسائلها ومراحلها - خاصة عملية التكوين – في بعض التجارب سكونية ومنسلخة عن الواقع الموضوعي والمجريات المفصلية في واقع تلك المجتمعات .
3-بعض تجارب تلك الفلسفة لم تتجاوز مرحلة التكوين وبقيت في اطار تنظيري واجتماعي محدود .

لكن اثبتت التجارب وخاصة في فلسطين دحض تلك السلبيات ورسخت قاعدة هامة وهي " التربية ومن ثم المواجهة الواعية " وليس " التربية عبر المواجهة " والتي تبنتها حركات فلسطينية في مراحل سابقة .


2-الفلسفة الثورية :-

الثورة تعني : تغيرات فجائية جذرية - تغيرات ذات طابع راديكالي - .
اما التفسيرات إزاء ماهية الثورة فانقسمت حسب تنوع الفلسفات إلى :-
1-طرف اعتبرها اداة للتقدم الانساني وهذا رأي بعض الحركات التحررية والماركسية .
2-وطرف اعتبرها ارتكاسات بدائية وهبات بربرية وهذا رأي النظم الديكتاتورية والاقطاعية ومنظريهم مثل الفيلسوف الالماني نيتشه .

وتقوم هذه الفلسفة على أساس التوعية النخبوية المحدودة – مع وجود مفكرين للثورة في بعض الاحيان- والتي تقوم بدورها بتحشيد المجتمع وكسب تأييده عبر الخطابات الملتهبة وتنمية الاحقاد والضغائن تجاه النظام المستهدف والقيام بايضاحات مقتضبة والتركيز على جوانب الظلم والقهر الواقعة عليهم بأسلوب عاطفي – ديماغوجي - يلهب ويثير الانفس ويلامس المدركات بسهولة ومن ثم افتعال الاضطرابات والاشتباكات وإثارة العنف وادامتها بغية استعادة الحقوق أو تغير النظام القائم ، بمعنى انها فلسفة تسير في خطين سياسي وعسكري .

وتنقسم الفلسفة الثورية بدورها لقسمين :-
1-فلسفة ثورية طبقية تهدف لرفع الظلم عن طبقات اجتماعية تمارسه طبقات اخرى ومثال ذلك الثورة الشيوعية تجاه الطبقة البرجوازية .
2-فلسفة ثورية تحررية تهدف إلى دحر المحتل الذي ينهب مقدرات البلاد ويمعن في طمس الهوية والكيانية لتلك الشعوب الواقعة تحته .

ايجابياتها :-
1-تحتاج لوقت أقل للوصول للأهداف في بعض التجارب .
2-اعتمادها على عنصر المفاجأة والذي يربك الخصم ومخططاته في بعض التجارب .

سلبياتها :-
1-فوضوية : حيث انها تؤثر على بعض مقدرات الشعوب وأسس نهضهتم من خلال استهداف مؤسسات شعبية من المفترض أن تكون خارج الصراع أو مساهمة في تحقيق النصر مثل الاضطرابات واعمال الشغب التي تتضرر منها المرافق العامة .
2-تحمل بذور الدكتاتورية : كونها تعتمد على شخوص بعينهم وهذا ما اثبتته بعض تجارب الشعوب التي اعتمدت فيها بعض حركاتها التحررية على تلك الفلسفة وايضا كون الدكتاتورية كامنة في نهجه بعض تلك الاحزاب خاصة الماركسية منها والتي تسعي في بعض مراحالها " لدكتاتورية البوليتاريا – الطبقة الكادحة- " .
3-تحمل بذور فنائها : وهي نقطة تعتمد على النقطة الثانية وتنطلق منها كونه لا يوجد رسوخ لنهج وافكار الثورة في البنى المجتمعية والتي سرعان ما تزول امام اي نكسة أو مشاكل تعتري نظام الثورة مما يعني بداية ثورة جديدة .
4-التقسيمات المقيتة خاصة في الفلسفة الثورية الطبقية – طبقة العمال والبرجوازيين وغيرها .


3- الفلسفة الانقلابية :-

وهي فلسفة قائمة على سيطرة فئة من المؤسسة العسكرية على الحكم بالتعاون مع زعماء محليين أو فئات محدودة أو بدونهم، وهي بذلك لا تعتمد وسائل تربية حقيقية سوى عمليات تربية خجولة لفئات محدودة مما يبقي عملية التربية والتنظير أسيرة اطار فكري تنظيري لا أكثر ، ويرافق ذلك سفك دماء وتعطيل المؤسسات التشريعية والحياة الديمقراطية في البلاد بشكل مؤقت وأحيانا دائم ،وتعتمد هذه الفلسفة على وجود مطامع واهداف لدى قطاعات في المؤسسة العسكرية يتم اذكاؤها من داخل المؤسسة أو من خلال احزاب وفئات خارجية تتقاطع بعض مصالحها مع تلك القطاعات أو من خلال استمالة تلك الاحزاب لبعض قطاعات المؤسسة العسكرية بالاقناع أو بشراء الذمم ، والتاريخ البشري يعج بعمليات الانقلاب العسكري ، كما أن هناك احزاب تتبنى تلك الفلسفة مثل حزب التحرير – على وجه التحديد تحت باب طلب النصرة - والذي يعتبرها وسيلةً جوهريةً لإقامة الخلافة .

ايجابياتها :-

ولعل هذه الفلسفة لا تحمل ايجابيات الا في اطار التمني أن تكون الفئة الانقلابية افضل من سابقتها وترسي دعائم الحياة الديمقراطية والمؤسسية والامن في البلاد بعد سيطرتها .

سلبياتها :-
وهي سلبيات لا تختلف عن سلبيات الفلسفة الثورية في اشكالها ومضامينها وهي كالتالي :-

1-الدكتاتورية : كونها تقوم على فئات محدودة .
2-تحمل بذور فنائها : كونها لا تعتمد على خلق بنية اجتماعية وكون الشعوب بطبيعتها تنحاز للأقوى - عند غياب العقيدة ومنظومة قيمية صلبة - كما اكد ميكافللي والتجارب التاريخية المختلفة.
3-انتهاء الحياة الديمقراطية لعقود كون الانقلاب يصبح ثقافة حزبية و مجتمعية .


خلاصة هامة :-

مما سبق يتضح أن أهم المعايير للحكم على نجاعة أي فلسفة للتغيير - خاصة التي تتعلق بالاحزاب الاسلامية – يجب أن تتميز بالآتي :-
1-ان القيم التي تطوعها الاحزاب التي تحمل ايديولوجيا متكئة على الدين الاسلامي يجب أن يكون لها ارضية اجتماعية .
2-شمولية فلسفة التغيير بحيث تحمل في طياتها هامشا واسعا للتنوع واستيعاب اشكال التغيير المختلفة .
3-انتهاج مبدأ التربية والتعبئة والتثقيف باعتبار التغيير عملية واعية في جوهرها وليست عملية عفوية واعتباطية تؤدي إلى ارتكاسات على كافة الاصعدة مما يؤدي إلى سقوط تلك الاحزاب سريعا .


عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

26.6.09

خطاب الصفعات ..... والبنى الفكرية المعتلة !!





لن أدخل اليوم في جدلية الجديد والتقليدي في الخطاب السياسي للأخ القائد خالد مشعل ، فقد سال مداد كثير
حول هذا الخطاب وتباينت الرؤى والمواقف بإعتباره خطاب سياسي شمولي شكل محتوى ايديولوجي سياسي استطاع استيعاب الوضع الفلسطيني برمته واستطاع استقراء وتحليل مختلف السياسات والحراكات والمواقف الدولية والاقليمية حيال الشأن الفلسطيني .

لكن لعلي هنا لن اتناول الخطاب بطريقة كلاسيكية بل ساتناول الخطاب في ضوء البنى الفكرية ، لأن الخطاب عبارة عن محتوى فكري يستهدف المدركات البشرية بطبيعة الحال كون البنى الفكرية هي من تصوغ رؤى الانسان وينبثق سلوكه من بؤرتها ، فالخطاب وما سبقه من هستيريا اعلامية وتحليلية وما اكتنفه من شكوك وتخرصات من قبل الشرائح المجتمعية وما اعترى فحواه الافتراضي من طوباوية من بعض الكتاب والسياسيين غير مبررة للأسف سلط الضوء على ماهية البنى الفكرية لبعض الشرائح المجتمعية الفلسطينية وكيفية تعاطيها مع الظاهرة السياسية وصوابية اطلاق احكامها المسبقة والملازمة للخطاب والسلوك السياسي من قبل جميع ألوان الطيف السياسي الفلسطني – احزاب وحركات - .


السياق التاريخي المكون للبنى الفكرية الفسطينية !!

لكن ما سبق الخطاب وواكبه من رؤى وتحليلات وفي طبيعة الحال ما سيتبعه ليس بالامر الجديد على واقعنا الاجتماعي السياسي كفلسطينيين بل يندرج في سياقات تاريخية متواصلة نشأت عقب تبلور المآساة الفلسطينية في عام 1917 – وحتى وقتنا هذا - والذي شهد بداية ضياع الحق الفلسطيني وبداية الحرب المسعورة على هويته وكيانيته والتي مازال يقدم شعبنا في سبيل الحفاظ عليها و تجسيدها بالدولة المستقلة شلالات الدماء .

مذ ذاك التاريخ المشؤوم تعرضت شرائح شعبنا لعمليات حشو وبناء قذر لمدركاته استعملت فيها اساليب التضليل بشعارات براقة و رنانة وبخطابات ديماغوجية بكت لها ملايين العيون وبمظاهرات عسكرية كذبتها أرض المعارك التي شهدت ذل هؤلاء وضعفهم ، كما واستعمل الكذب الفاضح باعلام أقل من ان يوصف بانه جوبلزي بامتياز استطاع أن يسكر العقول معتمدا على الخواء الفكري الذي عم تلك الشرائح وعاطفتها المتقدة التي تنبهر بالشعارات والخطب العصماء ، فضاعت البلاد والكل مازال يصفق ويهلل ، وظهر التباين الفاضح بين الاهداف المعلنة من تلك التنظيمات وما أنجز على الارض دون هيجان شعبي ولا حتى مظاهرة ، وقدم الاف الشهداء على مذبح المصالح الضيقة وبناء الممالك الخاصة دون ان ينبس احد بكلمة ، وخلعت الشعارات والمواثيق – الجوفاء - من تلك النظم والحركات أمام الجري وراء الحوافز والوعودات الغربية دون أن يعترض أحد .

ولكن أقول وكيف هذا ؟!! وقد تشكلت بنية فكرية اعتادت الخنوع والذل في لباس الانبهار والانجرار وراء شعارت بعض النظم والحركات السياسية وسلوكها الاولي الذي ما يلبث أن يتغير وفقا للعبة مصالح ضيقة وفئوية لا تلقي لفلسطين وقضيتها أي وزن .

لكن ومع مرور الوقت وحين استفاقت تلك البنى على هول الكارثة تحولت لحالة مرضية لم تعد بموجبها تقبل اي نظم أو حركات سياسية تحمل الهم الوطني وتنشد الحرية بصدق ، فالسلوك والممارسة الصادقة من تلك الاحزاب اصبحت في عرف تلك البنى المرضية تختزل بمفهوم السلوك الاولي الذي استعملته بعض النظم والحركات لخداعهم ، والخطاب الوطني الصادق أصبح في عرفهم حلقة من مسلسل خطابي طويل كانت بعض حلقاته تحمل خطابات اقوى ولها مفعول أشد وقعا في قلوب الجميع ، والاف الشهداء والتضحيات من تلك الحركات والاحزاب أصبحت في عرف تلك البنى وقوداً بخساً لزعماء تلك التنظيمات في مقاربات ظالمة مع الماضي المؤلم
.

خطاب مشعل في ضوء البنى المرضية !!

وعلى ضوء ما تقدم فإن خطاب القائد خالد مشعل لم ينج من مصائد المرضى سالفي الذكر ، فما لبثت وسائل الاعلام أن اعلنت عن وجود خطاب هام لحركة حماس في ضوء الحراكات والمستجدات الاخيرة حتى عادت الشكوك المرضية المعتادة لتساور هؤلاء ، فبدءوا وعلى وجه السرعة بعمل مقارابات – ذات ابعاد تاريخية – ظالمة وبكيل اتهامات ارتدت طابع العداء واللهجة القاسية وملأت - و لحد التخمة - بمصطلحات الانبطاح والتخوين والانهزامية والتراجع في مشهد ذهل له كل فلسطيني ومتتبع واع لماهية حركة حماس وحقيقة ثبات نهجها السياسي .

ولكن ليت الامر توقف عند تلك الشرائح المرضية وبعض جوقات الاحزاب المهترئة بل تجاوزه لتنساق بعض جماهير الحركة مع تلك الموجة المرضية في مشهد يندى له الجبين ، وبدأت أرى عبارات التشكيك والخوف والريبة تسيطر على بعض الالسن والاقلام وعلامات الحيرة والتوهان ترتسم على البعض الاخر ، كما و لمست محاولات البعض في البحث الحثيث واحيانا البحث الهستيري عن تصريحات هنا او هناك تكون بمثابة حبل نجاة او حتى قشة تخرج بعض ابناء الحركة من تلك الدوائر المرضية ، لكن كل هذا لم يجدي حتى بدا الخطاب وبدأت الصفعات تخرج تباعا تصفع مدركات هؤلاء وكل البنى المرضية ، والتي أيقن بأنها صفعات عتاب ومعالجة وتحمل في ثناياها كل الحب لتلك الشرائح والجموع .


خطاب مشعل والعلاج الاخير !!

إن خطاب الاخ القائد حمل ايضا في طياته علاجا لتلك البنى المرضية ولكل شخص مازال يسيء التعاطي والفهم الدقيق لهذه الحركة ، فالحركة ومن خلال هذا الخطاب وجهت عدة رسائل هامة لكل هؤلاء لعلها تساعدهم في الشفاء التام وهي :-

أولاً :أن حماس تتبنى ايديولوجيا راسخة رسوخ الجبال لا تزعزها وعودات هنا او هناك .
ثانياً : أن حماس تتمسك بنهج صادق ينهل من الاسلام العظيم والفهم السياسي الدقيق والاستقراء الواعي ووطدت دعائمه دماء الاف الشهداء والجرحى وآهات الاف الاسرى وفي مقدمتهم القادة ولا تستطيع اعتى القوى وضغوطاتها أن تحرفها عنها قيد أنملة .
ثالثاً : أن حماس تتمتع بمناورة وحنكة سياسية تنبثق من بوتقة الحقوق والثوابت والانحياز لمصالح الشعب الفلسطيني وليست إنعكاسا وتعبيرا عن جريها وراء مصالحها الخاصة .
رابعاً : ان حماس تتمتع بوحدة عضوية بين الفكر والممارسة فلا شعارت جوفاء ولا تباينات فاضحة .
خامساً : أن حماس تغلب مصالح الشعب على مصالحها الذاتية وهذا ما اكده الاخ القائد وسلوك الحركة على الارض .
سادساً : أن حماس استطاعت ولأول مرة في تاريخ الحركات الفلسطينية من فهم جدلية العلاقة بين ما هو استراتيجي وتكتيكي وتجسيده في الخطاب والسلوك الحمساوي .
سابعا : أن حماس تمتلك رؤية استراتيجية وسعة أفق ونضج سياسي مكنها من فهم حقيقة المتغيرات والسلوك في البيئة المحيطة فيها دون انخداع أو انسياق أعمى .

واخيرا لم يعد من عزاء مستقبلا لكل من يحمل شكوكا او تخمينات أو من ترتسم ملامح الحيرة والضبابية على وجهه ازاء التعاطي والحكم على حركة حماس ونهجها دون أن يقدم أدلة واضحة وطرحا موضوعيا يستند لمعطيات حقيقية وليست هلامية مكانها ميتافيزيقيا البعض وتصوراتهم المرضية للاسف !! .


الكاتب
عامر سعد


للإطلاع على التفاصيل

17.6.09

بين السفسطائية والموضوعية في نقد حماس !! ... قراءة متأنية


لا يشك احد بأن حركة حماس قد أضحت بسبب ثقلها السياسي والتنظيمي الآخذ بالتصاعد والزخم السلوكي " التجريبي " على كافة الاصعدة والمحافل عرضة للنقد والتحليل والدرس كظاهرة اجتماعية سياسية وفكرية لا يمكن غض الطرف عنها عند دراسة الشأن الفلسطيني والاقليمي .

كما يجب علينا أن نقر بأن حماس قد أضحت مادة دسمة لابد من دراستها كونها تمثل تجربة سياسية غنية سيكون لها مخرجات سترفد الحقل السياسي والنظرية السياسية والذي من بين ما يعنى به هذا الحقل الاحزاب والحركات والتكتلات السياسية .

وبالتالي من نافلة القول الإقرار بأن حماس أصبحت موضعا للبحث والتحليل والنقد المنهجي وغير المنهجي ، وتأخذ حيزا هاما في الدراسات السياسية والاكاديمية والمقالات والخطاب السياسي والاعلامي التي تتناول القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها ، لكن ما انا بصدده هو تقييم التعاطي السفسطائي – المنطق المخادع- من قبل بعض الشخوص التي تصر على ان تضع نفسها في خانة النخب المثقفة والتي يفترض أن تتسم بتناولها القضية الفلسطينية والوضع الفلسطيني ومن ضمنه حماس بكل موضوعية وواقعية محضة .

جدلية التحليل الفلسفي والعلمي في حقل السياسة :

إن من أهم المعضلات التي تواجه علم السياسة باعتباره ظاهرة اجتماعية انسانية تعنى بدراسة السلوك السياسي الانساني هي كون الانسان ظاهرة غير مستقرة يصعب اخضاعها للدرس و الاحتواء في إطار من المبادىء والتعميمات الجامدة ، وهذا يقود إلى نسبية انماط التحليل السياسي " الفلسفي والعلمي – التجريبي – " في حكمها على الظاهرة السياسية ، فالتحليل الفلسفي يعتمد فقط على جملة من الانطباعات والمنطلقات المجردة لصاحب هذا التحليل في المقابل فإن التحليل العلمي " التجريبي " يستقي تصوراته واستنتاجاته من معطيات الواقع المعاش والتجربة الحية .

ومع افضلية التحليل العلمي فإن الجدلية القائمة بين التحليلين قد اخذت طابع تصارعي سيبقى يهدد موضوعية تناول الظواهر السياسية كونها مزيج من الشق المثالي – المتمثل بالمعتقدات والمبادىء والذي له دور كبير في ماهية السلوك – والشق السلوكي المادي .

وكون حماس ظاهرة سياسية بامتياز فقد عانت من التناول القاصر لها بين طرف حاول اختزالها بتعميمات وأحكام تتسق مع خلفياته الايديولوجية والفكرية وبين طرف تعامل بانتقائية ازاء السلوك والممارسة السياسية والعسكرية والاجتماعية لحماس دون وضعها كإفرازات لأنساق فكرية ايدلوجية سياسية تنتهجها الحركة على مدار 21 منذ تأسيسها عام 1987 ، كما لابد من التنويه لوجود عقبة تواجه دراسة الظواهر السياسية تتمثل في ضعف وندرة المعلومات وعدم الاطلاع على سير الامور بشكل مطلق .

ماهية المثقف وحقيقة تمثيله في واقعنا الفلسطيني :-

إن المثقف - كما يؤكد كبار الكتاب - شخصية يصعب التكهن بماهيتها وما ستقوم به في الحياة العامة ويصعب اختزالها في مذهب فكري جامد أو تلخيصها في شعار محدد أو حزبية ضيقة فمعياره في الحكم على الامور نابع من قضايا الشعوب ومظلومياتها ، وهو ايضا شخص يحمل قيم ومعاني سامية تجعله لا يقبل بأنصاف الحلول وهو شخص تتمثل مهمته في تحطيم قوالب الانماط الجامدة التي تحجر على العقول وعلى الفكر الانساني بشكل عام .

لكن ما نلاحظه في ساحتنا الفلسطينية في ضوء معرفتنا بماهية المثقف أن هناك محاولات غير جادة وذات طابع انتهازي دنيء أو شكلي ومثالي في أفضل الحالات لبعض الكتاب والمحللين الذي يحاولون جاهدين أن يصنفهم الشعب كطبقة مثقفة تتبنى القضية والهم الفلسطيني , فالطروحات التي يقدمها هؤلاء لا تتسم بالتناغم مع الدور الحقيقي الذي يجب أن يلعبه المثقف في مجتمعه ، فبعضهم ما زال يعيش في برجه العاجي يكتفي بتقديم نصائح وانتقادات مجردة يفشل هو بنفسه في ترجمتها على أرض الواقع كأنه تناسى أن الدور الحقيقي للمثقف ترجمة أقواله وآرائه على ارض الواقع ، وبعضهم يحاول أن يقف على الحياد في تناول الشأن الفلسطيني خاصة الشق الحزبي لكن هو نفسه يقع من خلال المؤشرات التي لاتخطئها العين في هذا الشرك المقيت لوجود قصور فكري أو انجرافه مع تيار الخلافات والتجاذبات الحادة والمحمومة ، وبعضهم إتخذ المسمى لتحقيق نواياه الخبيثة والتي تستهدف بعض الاطراف على حساب اخرى خدمة لفئات وتكتلات يتبين ان الكاتب محسوب عليها ضمنا او سراً والذي يقوم بمهمته معتمدا على الفزلكة الكلامية والمنطق المخادع – السفسطائي – ومتسلحا بوقائع ومواقف وتصريحات انتقائية ومحوّرة بدهاء وخبث .

لكن علينا ايضا الا نغفل وجود طبقة مثقفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وتحمل الهم الفلسطيني وتتناول الشان الفلسطيني والفصائلي على وجه التحديد بكل موضوعية يحكمها في ذلك صدقية سلوك تلك الحركات واتساقها مع حقوق وآمال وتطلعات شعبها ، ولكن لا يخفى على أحد الحملة الممنهجة لتغيب هؤلاء ولطمس وجودهم في ظل الصراع الفصائلي المحموم والذي لا يقبل من تلك الطبقة مجرد النقد أو تبني مواقف قريبة من أحد الاطراف .

محاولة وضع النقاط على الحروف وكشف زيف الكثيرين !!!!!

حماس ونقاط القوة :-

إن حركة حماس كغيرها من الأحزاب والحركات السياسية تمتلك نقاط قوة ويعتريها نقاط ضعف , وانا هنا بصدد التناول الموضوعي المقتضب لتلك النقاط ، والتي للأسف بات الجميع يلحظ المسلسل المفرغ من الاضاءات التي تطال بعضها والاغفال الذي يطال أخرى دون التناول الشمولي والمنهجي – والذي لا استطيع ان أقدمه او ادعيه للأسباب التي ذكرتها سابقا و لكن هي محاولة لمحاكاة الموضوعية قدر الامكان – رغم أنني اسجل هنا لكتاب قدموا دراسات تقارب الموضوعية في تناول حماس.

إن من أهم مميزات حماس تمتعها بدينامية عالية مكنتها وبوقت وجيز من لعب ادوار كبيرة على الساحة الفلسطينية والاقليمية ومن فرض ثقل سياسي لا يمكن اسقاطه من معادلة المنطقة وما يطالها من سياسات الكبار ودراسات أكاديمية في حقلي السياسة والاجتماع السياسي .

كما تتمتع حماس بوجود نمو مطرد في الممارسة والنضج السياسي عبرت عنه في كثير من التحديات والازمات التي استطاعت الحركة تجاوزها و خاصة عمليات الاحتواء والاقصاء والالغاء أو التهميش ، وهنا يجب أن لا نغفل البراغماتية ذات المححدات الايديولوجية والحنكة والمرونة العالية والتي استطاعت من خلالها حماس احداث اختراقات على الصعيد الدولي وعلى صعيد المقاربات السياسية والصياغات التوافقية - خاصة على صعيد البرنامج السياسي الفلسطيني رغم التباينات الفاضحة ورغم إفشالها من بعض الأطرف لأسباب يعرفها الكثيرون - مع الخصوم رغم العدائية الواضحة والتلويح بالعصى والذي تجلى اخيرا في الخطاب التاريخي للأستاذ خالد مشعل أمام البرلمان البريطاني وفي تصريحات الإدارة الأمريكية .

ايضا لابد من التنويه لوجود قدر كبير من وحدة الفكر والممارسة والانضباطية التنظيمية العالية وتمتع الحركة بوجود قاعدة خصبة تتسم بالديمومة لوجود جهاز تربوي واكاديمي على قدر كبير من المهنية والكفاءة وجهاز اجتماعي مؤسسي استطاع التغلغل في جميع قطاعات الشعب وتقديم خدمات كبيرة كان لها انعكاسات ايجابية على شعبية الحركة ، كما لابد من عدم اغفال امر جوهري هو امتلاك ايديولوجية شمولية مثلت وعلى الدوام حصانة فكرية وسلوكية للحركة على مدار وجودها ، كما لا ينبغي اغفال الناحية العسكرية والتي اثبت حماس باقتدار امتلاكها جناح عسكري كان له دور مركزي في انتفاضة الاقصى وفي الحرب الاخيرة .

حماس ونقاط الضعف :-

وهذه النقاط اسردها في محاور اربعة :-
1- محدودية الايفاء باستحقاقات التمثيل " النيابي " للشعب والتمثيل الحكومي وإدارة الشان الفلسطيني والذي لا يكفي تبريره تحت بند المؤامرة التي تواجها الحركة والتي لا ينكرها أحد .
2- وجود هوة بين التطور العمودي في الحركة – تطور القيادات في السلوك والنضج السياسي النخب والكوادر المميزة – والتطور الافقي " القاعدي" والذي بات يلمسه الجميع والذي تمثل في غياب التناغم بين تصورات القيادة وآرائهم – والتي اعتبرها ناضجة بشكل كبير - وبعض التصورات القاعدية ووجود افكار دخيلة احدثت تلون واضطراب فكري نلمسه جميعا ، لكن يتم الحد من تأثيره بمفاهيم تربوية كالطاعة والثقة .
3- وجود تناقضات بين الخطاب السياسي وبعض القضايا الفكرية التي تتبناها الحركة خاصة حيال العلاقة مع الغرب والذي تمثل بوجود مواد في ميثاق حركة حماس خاصة المادة 22 والتي تشكك في ثورات الشعوب الاوروبية – خاصة فرنسا وروسيا – ووجود ايدي يهودية خفية ورائها ! وبين تبني خطاب سياسي يريد اعتراف اوروربي باعتبار حركة حماس حركة تحررية تطمح لنيل الحقوق وبناء الدولة ، وبعبارة أخرى عدم تناغم شمولي بين الخطاب السياسي وبعض القضايا الفكرية التي تشكل جزءا من المرجعية الفكرية لها .
4- بعض المحاولات الرومنسية في الولوج للساحة السياسية الدولية والتي لا ترضى بالدخول المجاني بل تفرض جملة مواقف لابد أن تتبناها الحركة وتقف سدا امام تلك المحاولات وتتسبب في فشلها – وهنا لا أقصد تقديم التنازلات كما يتحدث بعض "المتفيقهين " السياسين واصحاب البراغماتية التفريطية بل أقصد غياب الحنكة والمراوغة أحيانا وغياب انتهاز الفرص والحراك الدبلوماسي الفاعل واللعب على وتر التحالفات والتناقضات الدولية .
5- وجود تعبئة خاطئة لدى بعض قطاعات الحركة وغياب التثقيف الحزبي وسيادة الخطاب الحماسي – المغرق بالقداسة والرهبة - والذي يجافي الواقع في كثير من الاحيان .

خلاصة هامة :-

إن حركة حماس تمثل تجربة خصبة لابد من دراستها بكل موضوعية كونها تمثل نموذجا لفهم الحالة الفلسطينية – والاقليمية ايضا - ومحاولة النهوض بها بعيدا عن فهمها في إطار ضيق يتمثل بالاراء والمعتقدات الشخصية والتجاذبات الحاصلة وايضا بعيدا عن الحرب القائمة بين الايديولوجيات المعاصرة و " النهج السياسي الاسلامي " .

كما لابد من دراستها في ضوء الاقرار بان حماس حالة جديرة بالدراسة كونها استطاعت في عقدين فقط من الزمن أن تصبح لاعبا هاما ومؤثرا وصانعا لأحداث مفصلية تخص الشان الفلسطيني والاقليمي وتساهم في رسم شكل المنطقة سياسيا وفكريا وقلما حدث ذلك لحركة أو حزب سياسي وهذا يتطلب وجود مثقفين واكاديميين على قدر كبير من الكفاءة والمهنية بعيدا عن الآفات التي ذكرت سابقا .



عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

الهباش في ضوء التحليل السياسي والسكيولوجي






خرج علينا قبل ايام المدعو محمود الهباش بتصريح صاخب ارتدى طابع الصلف والغطرسة والانتقائية الساذجة لمفردات ذات هالة و قدسية على الصعيد الوطني والايديولوجيا الدينية في وقت كان الكل الفلسطيني ينتظر خطابا مسؤولا من الفرقاء السياسين يسهم في رأب الصدع وإعادة اللحمة وعدم الاستمرار بترهات تؤدي الى ارتكاسات جديدة تزيد وضع القضية سوءا وليس لها هدف سوى اشباع النزوات العاطفية لبعض الشخوص هنا أو هناك .

لكن لم تكن هذه التصريحات مستغربة على شخص عرف بعدوانيته المشبوبة لحركة حماس ، تلك العدوانية التي لا ينكر متتبع لها بأنها تندرج في سياق الردود المرضية والناجمة عن سلوك سكيولوجي " نفسي " مضطرب فرضته الابعاد التاريخية لعلاقته بحركة حماس والتي بقيت حاضرة في ذهن هذا الرجل والمتخيل اللاشعوري له والتي رسمت جل سلوكه وخطابه السياسي للأسف ، ضاربا بعرض الحائط كل التحديات الماثلة امام شعبنا وقضيته وباستخدامه منصبه كوزير لشؤون الاجتماعية في الضفة بتنويم الناس عن تلك التحديات الجسام بخطاب ديماغوجي " عاطفي كاذب " ومال سياسي يصرف انظارهم عنها ويختزلها فقط في شتم حماس وكيفية التخلص منها 0

كما ان هذا التصريح اعاد لذهني تلك العبارات الحاذقة والبارعة الوصف لهذه النوعية من الشخوص والتي خطها المفكر الكبير فتحي يكن والاسير الاردني السابق سلطان العجلوني وكتاب آخرين في معرض حديثهم عن الفئة التي تتعرض للاقصاء من حركات معينة – بغض النظر عن الاسباب والدوافع – لتصبح مع مرور الزمن وبعد عملية الاحتواء لها من احزاب اخرى تعيش على الفتات احصنة لعرابتها المهترئة ، لكن ليت هذا الشخص برع في لعب دور الاحصنة هنا فقد كشفت رعونته عن حقيقة الطرف الذي يمثله ونواياه الحقيقية من قضية المصالحة ورافعا الستار عن وجود فصول جديدة من المؤامرة التي تحاك ضد حماس مما وضعهم في موقف حرج وسيل من الانتقادات من قبل كافة التنظيمات الفلسطينية الاخرى .


ماهية التصريحات في علم السياسة :-

لعل الجدلية التي اعقبت هذا التصريح بين طرف مقلل من شأنه وطرف يعتبره على درجة عالية من الاهمية هو ما دفعني لتبيان اهمية التصريحات في علم السياسة ومحاولة فهم تلك الجدلية وحلحلتها .

لقد أولت السياسة للغة التصريح السياسي اهمية كبيرة جدا باعتبارها مكافئة للسلوك السياسي ومعبرة عنه وايضا في حقل العلاقات العامة - احد مجالات العلوم السياسية – وفرعها الاهم الدوبلوماسية والتي تعتبر لغة التصريح السياسي حجر زاويتها ومعيار نجاحها .

ولعل تلك الاهمية لم تأت من فراغ بل كانت تعبيرا عن وعي كبير حول دور التصريح السياسي وعبر التاريخ السياسي البشري في اشعال حروب وفتن تارة وفي احداث قطيعة بين الدول تارة اخرى وفي الاطاحة بنظم سياسية واحداث انتكاسات على كافة الاصعدة بحيث اصبحت لغة التصريح السياسي وما تحمله من مدلولات كبيرة احدى أهم أركان فهم الظاهرة السياسية وتحليلها .


ابعاد ومدلولات تصريح الهباش :-

وفي ضوء ما تقدم لا بد من اخذ هذا التصريح على محمل الجد وفهم ابعاده ومدلولاته فهما دقيقا كونه يساعد على فهم ماهية السلوك الحاضر والمستقبلي للنظام القائم في الضفة حول مجمل القضايا وأهمها المصالحة الداخلية .
فالهباش باعتباره وزيرا في نظام سياسي كان يجب ان تنسجم تصريحاته واقواله مع توجهات وتصورات ذلك النظام ناهيك عن كون التصريح السياسي من قبل اي وزير يعتبر مؤشرا على طبيعة السلوك السياسي للحكومة التي يمثلها وهذا يقود الى ان التصريح الاخير والذي يدعو الى اسقاط حكم حركة حماس يحمل المدلولات الآتية :-

اولا :يؤكد على عدم اهمية الحوار وكونه خيارا تكتيكيا وليس استراتيجيا لذلك النظام ولخدمة مصالح ضيقة ومرحلية بخلاف المعلن عنه من ذلك النظام وابواقه الاعلامية باعتباره ضرورة ملحة لها انعكاساتها على القضية الفلسطينية وادوات صمودها .

ثانيا : يدلل على وجود فصول جديدة من المؤامرة التي تستهدف غزة ومن يحكمها فطبيعة الاصطفافات في المنطقة والمحاور المنبثقة عنها تختزل السلوك والممارسة السياسية فيما بينها بحالة صلح او حرب ويدلل على طبيعة الدور الذي يلعبه النظام في الضفة حيال استمرار حصار غزة والتلويح بالعصى لمن يحكمها .

ثالثا : كما ان التصريح فتح الباب على حقيقة العلاقة التي تربط الحركتي وسيادة السلوك الاحلالي والتآمري على تلك العلاقة والتي اوضح التصريح حقيقة من يقف وراء رسم تلك العلاقة بهذه الصورة القاتمة والمخجلة والقائمة والذي يتنافى مع التصريحات الرومانسية حول الوحدة والكيانية الواحدة وطبيعة العلاقة التوددية والأخوية التي يجب ان تسود بين الحركتين وخاصة من طرف النظام القابع في رام الله .

رابعا : إن التصريح جاء في مقابلة مع إذاعة صهيونية مما يؤكد الدور الصهيوني الهام والفاعل في استمرار الانقسام وايضا باعتباره السيد الذي يجب أن تقدم أمامه فروض الطاعة للقبول السياسي والانطلوجي " الوجودي "لأي شخص أو فئة سياسية في النظام القائم في الضفة .


مستقبل الحالة الفلسطينية عقب هذا التصريح :-

لعل هذا التصريح فتح الباب على مصراعيه أمام المزيد من الاحتقانات الداخلية وتأجيج الوضع الداخلي وزيادة الهوة وإدامة الانقسام الجيوبولتيكي بين شقي الوطن مما يخدم المحتل وسياساته الرامية لإدامة هذا الانقسام , ناهيك عن دوره الكبير في التعبئة السلبية والتي ستؤدي الى صعوبة انهاء تفسخ النسيج الاجتماعي واستمرار الحرب الاعلامية والتي لها انعاكسات سلبية على صورة هذا الشعب اقليميا ودوليا ويفقده الهالة والتأييد الكبيرين اللذين حظي بها شعبنا على مدار تاريخ نضاله الممتدة لعقود .

وأخيراً أقول لا بد لعقلاء " النظام القائم في الضفة " أن يلجموا النزوات العاطفية لهذا الشخص بنظرات العقول والحاجة الماسة لإعادة اللحمة والتي بدونها سيصعب اعادة الحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة المنشودة والصمود أمام التحديات الجسام وأهمها الحكومة الصهيونية اليمينية والتي تسعى بكل قواها لطمس الهوية السياسية والحضارية لشعبنا .




عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

النكبة ....... وجدلية الحدث التاريخي والظاهرة المتجذرة



لعل عبارة التاريخ يعيد نفسه ستبقى تلقي بظلالها الثقيلة على الحالة الفلسطينية وترسم أبرز ملامحها ذات الطابع المأساوي والباعث على الأسى والحسرة ، فبعد واحد وستون عاما ما زالت فصول المعاناة والألم والذاكرة الحالمة والحنين الأزلي ماثلة في وجدان كل فلسطيني .

فتلك العقود الستة الزاخرة بشتى صنوف العسف الصهيوني والتخلي العربي والتواطىء الدولي لا تزال قائمة وما انفكت تهدد كينونة هذا الشعب وهويته السياسية والحضارية ومازال شعبنا يصارع الوجود وحلم الكيانية رغم رزوخه تحت وطأة هذا الاحتلال البغيض والذي يعتبر وصمة عار في جبين العالم الحر الذي باتت مفردات التحرر والانعتاق أبرز ملامحه والمسيطرة بشكل أوتقراطي لغوي – دكتاتورية المصطلح - على خطاباته وأجندته التي أثبتت سيروة الاحداث انه قد أضحى عالما افتراضيا هلاميا لا أكثر .


خلفيات وأسباب نكبة 48 :-

إن من نافلة القول التاكيد على ان المنعطفات الكبيرة التي تطال المجتمعات البشرية سياسيا او ديمغرافيا ليست وليدة اللحظات التحولية فقط بل تعد ثمرة إرهاصات ومخاضات وتفاعلات عاشتها تلك المجتمعات بفعل عوامل داخلية وخارجية كما أقرت بذلك السوسيولوجيا الدينامية – الفرع الذي يهتم بالتحولات المجتمعية – وعلم السياسة والاجتماع السياسي والتاريخ السياسي البشري ونواميس الحياة بشكل أعم وأدق .

وفي حالتنا الفلسطينية كانت النكبة الحاصلة عام 48 – والتي أدت الى طرد اكثر من 800 ألف فلسطيني وتدمير أكثر من 430 مدينة وقرية - والتي مازلنا نرزخ تحت تبعاتها وما افرزته من ظروف موضوعية نتاجا لعوامل ثلاثة وقفت حائلا امام بقائنا على أرضنا وعدم ضياعها وأدت إلى تشتتنا في أسقاع الارض بلا هوية ولا كيانية ومكابدتنا للويلات عبر 6 عقود كاملة .

فالقيادات المرجعية الفلسطينية " الاقطاعية –الاكليركية والرجعية " والانظمة العربية والصهاينة وحلفاؤها الامبرياليون هم من صنعوا نكبتنا واجهضوا مقاومتنا على كافة الاصعدة , فالقيادات المرجعية الفلسطينية وبفعل تشرذمها وتصارعها وبفعل تغليب مصالحها ذات الطابع الاقتصادي وعدم وضوح الاهداف الاستراتيجية وتبلور المفاهيم الفلسطينية في تلك العقول أدت إلى اضعاف الجهد الشعبي والوقوف امام محاولات انتقال الحالة الثورية الجهادية على البنية الفوقية للحركات الوطنية وترجمتها على أرض الواقع من خلال جملة من عمليات الاقصاء والاجهاض للثوارت والفعل المقاوم برمته , فبيان الشجب لثورة البراق كان فلسطينيا محضا ومن أجهض ثورة 36 كان ايضا فلسطينيا لاهثا وراء وعود هنا وهناك ، أما النظم السياسية العربية فلقد كانت ومنذ بداية التجلي الصهيوني على ارضنا متواطئة ومنسلخة عن عروبتها فمن محادثات الشونة بين النظام الاردني مع الصهاينة إلى الضغط على قيادات ثورة 36 إلى المظاهرات العسكرية الهلامية في حرب 48 رسمت تلك النظم دورها وماهيته إزاء قضية ما فتئت تتغنى بها وتستخدمها سلعة واداة رخيصة لنزواتها وطموحاتها الداخلية لا غير ، اما العامل الثالث فلن اتحدث عنه فهو غني عن التعريف ويقوم بلعب دور كلاسيكي لأي احتلال " احلالي " في التاريخ البشري والذي كان وعلى الدوام يتسم بالعسف والغطرسة والهمجية ومتخما بحب القتل وحب العيش على انقاض و ألام ودماء الاخرين .


ما أشبه اليوم بالامس :-

واليوم مازالت تلك العوامل ماثلة في واقعنا الفلسطيني ومازالت تتفاعل لتزيد وضعنا سوءا وإن كان بعضها قد ارتدى طابعا وأثوابا جديدة ، فالإقطاع العشائري والقيادات الرجعية تحولت لإقطاع سياسي وممالك ذات طابع انتهازي تمثلها حركات واحزاب بعينها فاقمت وضعنا الفلسطيني سوءا وتفسخا وقادتنا وببرنامج هزيل وفاقد للأفق لنفق تنازلات مظلم لم يبق لنا سوى الفتات وبقع جغرافية تكاد لا تراها العين المجردة ! وايضا تصر على لعب دور الاجهاض والمحاربة للفعل المقاوم كما كان الحال لثورة 36 تحت ذرائع الوعود والعبثية والتداعيات الخطيرة لهذه المفاعيل !!!! فالآفات اذا كما هي عدم وضوح الاهداف الاستراتيجية وتغليب المصالح الحزبية والفئوية الضيقة والارتهان الخارجي أضحت قوام الحالة الفلسطينية .

أما النظم العربية فهي الأخرى حافظت على ادوارها المعهودة لكن بأنساق جديدة وأكثر تجليا من الخيانة الواضحة والتواطىء الفاضح والمشاركة في قتل هذا الشعب وحصاره ومتخلية حتى عن الغلالة التي كانت تحمي سوءتها وهي المظاهرات العسكرية والشعارات الفضفاضة في موقف يدعو للتأمل في واقع عربي مرير نهشت في جسده المخططات الامبريالية بكل قسوة .

اما العامل الثالث فهو ايضا زاد من وحشيته وغطرسته وسارع من وتيرة تنفيذ مشاريعه ومخططاته مستفيدا من واقعنا الفلسطيني الضعيف والذي يعاني من الآفات السالفة الذكر ومن الواقع العربي المتواطىء واللاهث وايضا من الدعم الامبريالي الذي يجد في العدو الصهيوني الاداة الضرورية لاستمرار السبات العربي الازم لنهب مقدراته وثرواته ، والأنكى أن هذا العدو الذي يستمر يوميا بفرض وقائع جيددة على الارض وفي نهب كل ما تقع عليه عيناه من الثروات المتبقية في ارضنا ومستفيدا من البراغماتية التفريطية لبعض القيادات الفلسطينية حتى وصلنا لأقل من 10% من ارضنا فعليا تنذر بدولة فاتيكان جديدة .


استخلاص العبر قبل فوات الاوان : -

في ضوء ما تقدم لابد من مراجعات فلسطينية شاملة على قاعدة من لا يعرف تاريخه لا يحسن صياغة مستقبله ولابد من اعادة الاعتبار لدور الكفاح المسلح والذي يتعرض لعمليات تشويه والغاء تحت ذرائع نظرية ورومانسية مستقاة من العالم الافتراضي الحر " والمعولم " ولا بد من وضع برنامج فلسطيني تتضح فيه الاهداف الاستراتيجية وتحل به الجدلية الاستراتيجية التكتيكية ولابد من اعادة زرع منظومة قيمية واصطلاحية تؤكد على ضرورة الوحدة ونبذ الخلاف وتغليب المصالح الوطنية ورفض الارتهان بالخارج والتمسك بالثوابت والحقوق وأن نستخلص العبر من التاريخ بأن المشروع المقاوم هو الكفيل بتحرير الشعوب ولنا في الثورات السابقة التي تعج بها كتب التاريخ السياسي أكبر عظة وعبرة .

واخيرا تمر ذكرى نكبتنا الواحدة والستون كسابقاتها من السنين على امل العودة واقامة الكيانية ذلك الأمل الذي بدء يأخد منحنا مختلفا هذه المرة ، فما يسترعي الاهتمام في العقد الاخير تصاعد وتيرة الصراع المحموم بين البرنامج المقاوم والبرنامج المساوم والذي سينذر في حال انتصار البرنامج المقاوم – والذي ولأول مرة تحول لمشروع متكامل خاصة على الصعيد السياسي والنيابي - إلى تغيير جذري في الواقع الفلسطيني وإلى قرب اسدال الستار عن فصول مسلسل النكبة الذي ظن البعض بأنه أزلي ! .



عامر سعد

للإطلاع على التفاصيل

الأوتوقراطية .. مرض يرسم تاريخ فتح وحاضرها !!





لعل الأحداث الاخيرة دعتني لكي أعود وأنفض الغبار عن أوراق أضحت مهترئة ومن الماضي أو إن صح التعبير خردوات نخرجها من غياهب الظلام لتربطنا بالماضي السحيق ، فهذا هو حال النظام الاساسي لحركة فتح وكراساتها التنظيمية في ظل واقع فتحاوي ارتدى طابعا متنكرا لكينونته وهويته الحقيقية .

فعندما بدأت بتصفح النظام الاساسي لفتح استملكتني للحظات نشوة افتعلتها تلك المصطلحات والعبارات البراقة التي احتواها ذلك النظام خاصة - بما يتعلق بالاسس والمنطلقات الحزبية والحركية المثالية - لكن ما لبث الأمر أن تغير عندما حاولت اسقاط هذه الصياغات والقواعد المفعمة بالمنطلقات المثالية على تاريخ المسلكية التنظيمية لحركة فتح على امتداد ما يقارب الخمسة عقود , هذه الصياغات والمنطلقات التي أضحت حتى في عرف فتح هرطقات ويوتوبيا خطتها ايدي كتاب هذا النظام والذين لا أجد لهم سوى مصطلح " الافلاطونيون الجدد " ليوصف حالهم الباعثة على الشفقة والأسى .


مصطلحات يعلوها الغبار !

لعل معيار نجاح الاحزاب والحركات يكمن في تجسيد مجموعة من القواعد والمنطلقات التي تشكل ابجديات لا بد لكل تنظيم تكريسها في مؤساسته وكوادره ، فالمركزية الديمقراطية والقيادة الجماعية والعمل المؤسسي والنقد البناء والمرجعية الفكرية والانضباط التنظيمي تشكل أحد اهم اسباب نجاح الاحزاب والحركات والذي يتمثل في الوصول للحكم باعتباره الهدف الاستراتيجي لها وأن تحظى بتأييد االشرائح المجتمعية كونها تعبر عن آمالها وتطلعاتها وتسعى لتحقيقها بكل الوسائل المتاحة .

لكن لعل تلك الامور لم تكن سوى شعارات جوفاء تمترست خلفها حركة فتح واستخدمتها فقط عندما تحين الاستحقاقات الانتخابية والمناظرات الحزبية لا أكثر ولم تعكس نفسها على خطاب وممارسة حركة فتح والتي طغى عليها وأضحى عنوانها الاوتوقراطية كمصطلح يصف حالة الشخصنة التي طغت عليها خاصة منذ سيطرتها مع باقي التنظيمات على منظمة التحرير الفلسطينية منذ اواسط عام 1968 وإلى الآن .

فقد اختزلت نضالات فتح والكفاح المسلح برمته بالنخب البيروقراطية الضئيلة التي افرزهتا الحالة الثورية والتي تحولت مع الزمن ايضا لمجرد شخوص تتحكم في الساحة السياسة الفلسطينية دون رقيب أو حسيب , وايضا قامت بتعطيل المؤسسات – العمل المؤسسي - التي شابهت مؤسسات الدول المستقلة وانتهجت ممارسة فردية أدت بنا إلى كوارث وانفاق مظلمة شتت الجهد الفلسطيني وافقدتنا كثرا من حقوقنا وثوابتنا .


موجز تاريخي للمرض !
لن ادعي المعرفة الطبية هنا لكن لتشخيص أي حالة مرضية لابد من معرفة دقيقة لتاريخ المرض وتطوره وابرز تجلياته على الكائنات – أو الهيئات - التي يصيبها ، وعلى ضوء ذلك فإن تاريخ هذا المرض الذي استبد بفتح برز منذ بزوغ شمس الرئيس الراحل ياسر عرفات – الذي لا يستطيع أحد إنكار تضحياته الكبيرة - على مسرح الاحداث بقوة وامساكه بزمام الامور في حركة فتح ، والقارىء لتاريخ القضية يلمس ذلك بشكل كبير ، فما تمتع به عرفات من كاريزما وقدرات أدت إلى كسب تأييد كبير مكنه مع مرور الوقت بالاستئثار بالقرار الفتحاوي بل والفلسطيني برمته - باعتبار فتح كبرى فصائل منظمة التحرير – والذي توّجه الرئيس الراحل " بسياسة الاحتواء والعداء " إزاء معارضيه داخليا وفي الحركات الفلسطينية الاخرى مما أدى لفرض رؤاه وتصوراته على البرنامج والسلوك السياسي الفلسطيني .

وتكرست تلك الاوتوقراطية على الساحة الفلسطينية بطرح وتبني مجموعة من البرامج والحلول التي كانت في جوهرها تنازلية وذات انعكاسات مأساوية على القضية الفلسطينية والتي ادت لبروز جبهة الرفض في حقبة السبعينات وحماس والجهاد في حقبة التسعينات والتي عارضت فرض الحلول والرؤى من قبل ياسر عرفات .

كما وأدت سياسات ياسر عرفات في تلك الحقبة وما بعدها إلى حدوث انشقاقات وجملة من المعارك " الجانبية " والتدخلات في الساحات العربية – دون إغفال للعوامل الاخرى التي ساهمت في صنع هذه الاحداث بطبيعة الحال - والتي ازالت الهالة عن القضية الفلسطينية و أضعفت الزخم الثوري الفلسطني وعملت على تبدده وضياعه خاصة بعد عام 1982 واستمر الحال مع بداية العملية السلمية والتي لعب الرئيس الراحل الدور الاساسي فيها دون مبالاة باعتراضات التنظيمات الفلسطينية الاخرى ليصل الامر لحذف مواد في الميثاق الوطني الفلسطيني وضياع جزء كبير من الارض الفلسطينية .

وقبل استشهاده بسنوات قليلة دخل ياسر عرفات في صراعات للبقاء على كرسي السيادة خاصة عندما حاول محمود عباس وبدعم خارجي من سحب البساط من تحت أرجله ، والتي كللت اخيرا بالنجاح وبوفاة عرفات في ظروف غامضة ، وبعد وفاة عرفات ورثه محمود عباس والذي تكرس في عهده المرض وازداد انتشارا واتخذ اشكالا أشد مرارة وقسوة على واقعنا الفلسطيني لم يكن ليرضى بها الرئيس الراحل رغم ما يعانيه عباس من ضعف وبروز ظروف موضوعية اهمها بروز حماس على المسرح السياسي بقوة .


حاضر ومستقبل المرض على الوضع الفلسطيني :-


لعل هذا المرض كغيره من الامراض آخذ بالتطور وهذا ما أكدته المرحلة الحالية فلقد أدى سلوك عباس الاوتوقراطي إلى توهان البوصلة الفلسطينية وإلى احداث الانقسامات وتكريسها في الواقع الفلسطيني والذي كان آخرها فرض حكومة جديدة اعتبرت المسمار الاكبر في نعش المصالحة ومحاولة رأب الصدع وتوحيد الجهد الفلسطيني وإلى الحيلولة دون انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح حتى يكون على قياساته ويخدم مصالحة ويكرس نفوذه غير آبه بالوضع الفلسطيني والتحديات الماثلة امامه والتي تهدده انطولوجيا " وجوديا " .

و إذا لم يتم معالجة هذا المرض بشكل عاجل من قبل الجسد الفتحاوي المخلص والشريف فإن ذلك المرض سيزيد الامور سوءا وينذر بعواقب وخيمة تطال الكل الفلسطيني باعتبار حركة فتح حركة فلسطينية تمثل شرائح كبيرة من شعبنا ولها تضحياتها ومفاعيلها على الساحة الفلسطينية .

وأختم بالقول أن التاريخ لم يسجل ان نزوات الاشخاص وتصوراتهم أضحت قدرا ملازما للشعوب وايضا رغم ان الاوتوقراطية عدوة الشعوب فإنها لا تدوم بوجود نخب وتجمعات وشرائح تحمل هموم هذا الشعب وتسعى لحلحلتها بعمل مؤسسي سياسي واجتماعي بامتياز
.



عامر سعد

للإطلاع على التفاصيل

مورفولوجيا السلوك الخياني وسيرورة تطوره






لعل الخيانة من الظواهر القليلة التي واكبت التاريخ البشري برمته واثرت بقوة على سيرروته وصنع احداثه حتى اضحت عاملا مهما في حقل السوسيولوجيا الدينامية والتي تعنى بدراسة التغيرات التي تطال المجتمعات كون الخيانة اثرت وبشكل كبير في إحداث المنعطفات التاريخية والاجتماعية والسياسية الكبيرة .

كما ان مخرجات التجربة الانسانية لم تخل من التطرق لهذه الظاهرة - في مجمل الحقول - واخضاعها للبحث الفلسفي والعلمي ، وايضا الرسالات والكتب السماوية سلطت الضوء على تلك الظاهرة وأخص بالذكر هنا اعظم كتاب ارسله الله للبشرية " القرآن الكريم " والذي احتوى على 16 مرة لكلمة الخيانة ومشتقاتها مما يدلل على اهمية تلك الظاهرة وعدم اسقاطها من التشريعات السماوية بل والاهتمام بوضع حلول لها عبر جملة من الاحكام التي احتوتها تلك الكتب العظيمة معطوفا عليها الاوامر النبوية حيالها .



مورفولوجيا ومفهوم الخيانة في ضوء حركة التاريخ :-

برزت الخيانة ملازمة للطبيعة البشرية باعتبارها انعكاسا لبعض الطبائع السلبية والتي في جوهرها كانت انتهازية ونفعية شخصية ونتاج مؤثرات العلاقات والتفاعلات المجتمعية ، وحديثا لم تختلف الدوافع المكونة للخيانة باعتبارها ثابتة نوعا ما – حتى لا نقع بسذاجة ميكافيللي الذي اكد على ثبات الطبيعة البشرية - لكن دون اغفال أن الظاهرة تطورت شكلا ومضمونا وماهية وسلوكا .

لكن كون الخيانة سلوك وممارسة "وحديثا " نسقا فكريا متكاملا جوهره الانسان والذي يوصف بأنه ظاهرة غير مستقرة لا يمكن اخضاعها للقوانين المادية " الطبيعية والفيزيائية " فإن الخيانة ظلت ظاهرة و مصطلحا مبهما و متغيرا و يرزخ تحت وطأة التحوير وتتقاذفه تعقيدات الحياة المطردة والمتغيرات الفكرية والسياسية والسلوكية للجماعات البشرية والبعد المصلحي الانتهازي الضيق لبعض المتنفذين عبر التاريخ .

لكن بقيت الخيانة كمفهوم إلى العصر الوسيط تحتفظ بأهم ملامحها والتي قاومت كل محاولات افراغها من محتواها الحقيقي ومضامينها الاساسية وبقيت متجذرة بالمدركات البشرية إلى الان ، فالخيانة ظاهرة اجتماعية سلبية ينسلخ فيها فرد او مجموعة افراد او هيئة عن جماعة تربطهم بها علاقات اثنية او تاريخية أو وطنية او ايديولوجية للعمل مع عدوها الذي يهددها انطلوجيا واقتصاديا وعلى كافة الصعد مما يهددها ويهدد مصالحها .

وفي العصر الحديث تعرضت الخيانة لمحاولات ممنهجة و جادة وكبيرة وذات طابع دنيء طالت الشكل والمضمون فلم تعد مفهوما كلاسيكيا واضح المعالم بل أصبح مصيرها كمصير كثير من المصطلحات التي ألبست اثوابا جميلة لتخفي قبحها وانعكاساتها التدميرة على الحضارات البشرية فكما الرابا اصبح فائدة !! فالخيانة أريد لها أن ترتدي اثوابا كثيرة منها ، " التعاطي مع الواقع " الذي يفرضة العدو، واضحت " السلوك الايجابي والتقدمي " وعدم التزمت والعدوانية ازاءه ، وأضحت " سحب الذرائع وكبح الجماح " أمام هجماته ، وأضحت " العيش المشترك وتبادل القبلات " كسلوك حضاري تنتهجه الشعوب الحديثة ! وبلغة أخرى أصبح التعاطي المريب مع المحتل حنكة وحذاقة تقي من الشرور والعمل مع العدو – الذي هو جوهر الخيانة – أصبح ضرورة موضوعية واجبة !! .

وهذا يقود إلى أن الظاهرة قد اختزلت وحرفت لتصبح سلوك غائي يهدف لجلب المنفعة بصرف النظر عن الطريقة والسلوك وايضا صراع جدوى ونضوج بين الرؤى والمشاريع التي تسعى لرقي الشعوب بصرف النظر عن الميكانيزمات " الآليات " المستخدمة ولو كانت بالتماهي مع المحتل وتقاطع الاجندة معه وتنفيذ ارادته ومشيئته !! وبين المشاريع التي تنشد ذلك بالمقاومة وطرد المحتل الذي هو سبب المصائب والمكائد ولو كان على حساب منافع آنية لا تسكر الا البعض .


الخيانة من الاستئصال إلى التمثيل والمشروعية :


وبما أن الظاهرة مرت بمتغيرات وعمليات حرف وتجميل فإن طبيعة التعاطي معها مرة ايضا بنفس الاطوار واعترته ذات الظروف ، فبداية كانت حتمية الموت والتنكيل والتشهير تنتظر كل خائن – كان فرد او هيئة - او في أحسن الاحول الطرد والاحتقار ، لكن مع تطور الظاهرة وكونها أضحت نسقا فكريا ومجموعة من المفاهيم والتصورات ويتم ممارستها عبر هيئات وتكتلات سياسية ومجتمعية وتحظى بتأييد شرائح مجتمعية بالتضليل والمال السياسي أصبح التعاطي القديم فاقداً للشرعية الاخلاقية والقيمية والحضارية ! ، وباتت لغة الاشتباك السياسي والفكري والاعلامي ترسم علاقة التعاطي مع تلك الظاهرة مما أكسبها شرعية وتمثيلا مجتمعيا وتكريسا لنهجها وممارستها تحت شعارات الحياة الديمقراطية والاجتهادات السياسية ووجهات النظر بل ووصلت الامور انحدارا لدرجة أن تصبح خطا وطنيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى !

كيفية القضاء على الظاهرة :-


لعل الظاهرة في اطوراها الاخيرة والتي أكتسبت خلالها الشرعية والتأييد وأضحت خطا وطنيا !! وايديولوجيا لقطاعات وزمر بشرية وأضحى معتنقوها يقابلون بالمديح والاطراء من البعض ولهم ثقل سياسي وفكري وفي كل مناحي الحياة ، كان لابد من وقفة جادة وتغير في التعاطي مع هذه الظاهرة الاخيرة وعدم الاكتراث بالمفاهيم المكبلة والشعارات الزائفة والمحددات القانونية الهلامية والمريبة ولابد من عمل جاد يرتدي طابع الثورة باعتبارها مفهموما وسلوكا يرمي لاحداث تغيرات جوهرية وجذرية ولا بد من انتهاج سياسة الالغاء والتقويض للمشاريع المنبثقة عن تلك الظاهرة ولنا في التاريخ الحديث أكبر عبرة خاصة في التجربة الصينية والتي هزم فيها الحزب الشيوعي الحزب الوطني الخائن والمتحالف مع الامبريالية عبر حرب داخلية دون الاكتراث بالاعتبارات والمفاهيم المصطنعة من البعض وايضا التجربة الفيتنامية وغيرها الكثير .

أما انتهاج سياسية وديعة وسلمية اتجاه هذه الظاهرة فإنه ينذر بالمزيد من الإنحدار وهدر الحقوق والمنجزات لكافة الشعوب التحررية او المعتدى عليها او التي تنشد رقيا والقبول المجحف في البقاء في الحضيض وتقويض كل المشاريع النهضوية التي تنشد عزا وتمثيلا حضاريا فاعلا ينهي عصور الظلام .




عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

قلقيلية ..... مصارع اللئام وعزة القسام



هو مشهد قديم جديد من مشاهد الخسة والخيانة التي دأبت على رسمه أيدي سوداء مأجورة في صفحة هذا الشعب المجاهد المكلوم ، مشهد ندت منه رائحة كريهة زكمت أنوف كل وطني وشريف في هذا الشعب ، ولكنه ايضا مشهد احترافي وبامتياز !! فلعلنا لن نجد مشهدا ذا ملامح واضحة و مدلولات فاقعة بعيدا عن الابهام والتعقيدات كهذا المشهد ولعلنا لن نجد أكثر منه واقعية ، فلا رتوش هنا ولا وجود للكليشهات الزائفة ولا وجود للرموز ولا حتى للسريالية فكل شيء واضح جلي لا يسمح لأي جهة او شخص بالقراءة خارج نصه أو الاجتهاد بعناصره !! .

فما حصل في قلقيلية من احداث دامية راح ضحيتها اثنان من أبرز قادة كتائب القسام - لطالما حلم الكيان الصهيوني باصطيادهم - هو وصمة عار جديدة في جبين اتباع دايتون والنهج الخياني البوليسي ، وهو ايضا فصل جديد من فصول الكتاب الاسود ذائع الصيت ، ذاك الكتاب الذي ما زالت تعلب الادارة الامريكية والصهاينة دور المؤلف فيه والأبطال تاركة لفريق رام الله دور الاداة الرخيصة التي لا وزن درامي "سياسي " لها سوى كونها اداة تنفيذية لا اعتبار لها ولطالما اسقطها التاريخ من صفحات العظماء والشرفاء
.


البعد السياسي والعسكري خير من حلل المشهد وفضح الأكاذيب :-

وعلى ضوء ما تقدم يتضح لنا أن المشهد او الفصل يندرج في سياق فاضح من الاجراءات والخطوات المبنية على جملة من الاتفاقات والتفاهمات المعلنة والسرية الموقعة بين تيار عباس والعدو الصهيوأمريكي والتي تستهدف مشروع المقاومة " الارهاب " مقابل وعودات بحماية ذلك الفريق وإبقاء الشرعنة على تمثيله " للوجود الفلسطيني " والتي كان آخرها الوعودات المقدمة من اوباما لعباس في واشنطن والتي كانت بمثابة الشرارة لبدء الاحداث الاخيرة .

ولعل هذه النتجية اضحت بديهية ولم تعد اتهاما او جزء ا من التنظير الحزبي العاطفي بأية حال ، فمسلسل الاتفاقات السلمية الموقعة والتي كان آخرها خارطة الطريق يشهد بذلك ، فالمرحلة الاولى من الخارطة – التي أضحت الأرضية لأي حل مستقبلي - تدعو لمحاربة الارهاب وتفكيك بناه وهذا ما يحصل فعلا في قلقيلية وكل مدن الضفة ولعل قيادات تيار عباس لم تعد لديهم غضاضة في تأكيد ذلك ، وهذا ما فعله حسين الشيخ أمين سر حركة فتح في الضفة عبر الاذاعة الصهيونية وهذا ما فعله مسئول عباسي كبير عبر ادلائه بتصريحات لصحيفة ايديعوت احرنوت الصهيونية ،وهذا يقود إلى تكذيب رواية الاجهزة الدايتونية حيال ماهية الاحداث في قلقيلية ومن يقف وراءها، باعتبارها اجراءات طبيعية تهدف لتطبيق مراحل خارطة الطريق التي أعلنت ابواق السلطة وقادتها التزامها المتجدد بها .

اما عسكريا فهناك نقطة فارقة تمثل ثغرة فاضحة في الرواية الدايتونية فهل يعقل لمجموعة مطلوبة وبالحاح للجانب الصهيوني والذي كان يعمل على قدم وساق لقتلهم -وتشهد الاجتياحات وهدم المنازل على ذلك - أن يقدم نفسه لقمة سائغة للإجهزة الامنية في دلالة على انتفاء الحس العسكري العالي وحسن تقدير الامور لقائد له خبرة طويلة في المطاردة امتدت لسبع سنوات ناهيك عن الظروف الموضوعية في الضفة والتي تجعل من احتمال تقويض النظام القائم والتهم الزائفة بسعي حماس لتوتير الساحة الفلسطينية واستمرار الانقسام امرا مستبعدا في الوقت الراهن !!



نصاعة المشهد تجرم المواقف الباهتة :-
اما ردود الفعل من بعض التنظيمات الفلسطينية والتي من البديهي ان تكون متابعة لكل شاردة وواردة في الساحة الفلسطينية والتي اختزلت الجريمة ذات الابعاد الخيانية والاستسلامية الواضحة بمسمى الاقتتال الداخلي و المطالبة بلجان تحقيق ، هو أمر معيب يجرم تلك التنظيمات ويضعها في دائرة الشك ويضع علامات استفهام حول التباينات الشاسعة بين الشعارات الفضفاضة والجوفاء التي تتمترس حولها وبين سلوكها وخطابها المتماهي لبعض الجهات والذي في جوهره يغلب المصالح الحزبية والفئوية الضيقة على مصالح الشعب .

وهنا لابد من طرح جملة تساؤلات لابد لتلك التنظيمات والجهات ان تجيب عليها بوضوح أهما ، هل أضحت محددات النهج و السلوك السياسي لأتباع دايتون ذات البعد التاريخي الواضح بحاجة لإستقراء باهت وفاقد للموضوعية لهذه الدرجة ؟؟ وهل أضحى البعد السياسي للقضية الفلسطينية ككل مبهما بحيث لا تستطيع تلك الجهات اتخاذ قرارت واضحة تدلل على استقلالية القرار وجرأة البوح بها على أرضية تغليب المصالح الوطنية التي تتشدق بها ليل نهار ؟!


وكم من تلميذ فاق استاذه !!

لكن هذه الجريمة أحدثت نقطة فارقة في طبيعة أداء تلك الاجهزة والتي اتضح انها فاقت استاذها الصهيوني بكل جدارة ، فلقد سبق العملية حملة اعتقالات ممنهجة طالت اكثر من 90 عنصرا من حماس في المدينة ومتابعات استخبارية تحاكي النموذج الصهيوني والذي اعترف الجانب الصهيوني بكفاءتها ، وأثناء العملية شاهدنا نفس الاسلوب الصهيوني اللااخلاقي باستخدام اوراق ضغط حساسة مثل الاقارب تدلل على الخسة والندالة .

في المقابل فإن التلميذ ايضا فاق استاذه بالضعف النفسي " السكيولوجي " وانتفاء البعد العقدي والشجاعة العسكرية والذي برز جليا من خلال عدم قدرة أكثر من 200 عنصر على حسم معركة ضد شخصين فقط ولساعات طويلة ووقوع خسائر كبيرة مقارنة بمجاهدي القسام الذين رغم قلتهم سطروا ملامح بطولية وقدموا درسا ذات ابعاد عقدية "سكيولوجية " عسكرية لزمرة دايتون .


حدثوهم فهم يسمعون !!
وامام تلك الجريمة النكراء والتي تضع آخر المسامير في نعش الحوار الفلسطيني وتدلل على طبيعة المرحلة القادمة وماهية المخطط التي يستهدف القضية والمشروع المقاوم لابد من كلمة لاتباع ذلك التيار وقتلاهم على وجه الخصوص ، فأقول لهم هل علمتم يوميا غائية سلوككم وانعكاساته على القضية الفلسطينية ؟؟ هل أصبحت حفنة اموال من قنوات قذرة خليقة بأن تتنازلوا عن حقوق الشعب وثوابته ؟؟ هل تظنون أن الظلم قدر له الديمومة ؟؟ هل ظننتم أن الشعوب التحررية تنهزم وأن المشروع المقاوم أندثر يوما ؟؟؟

فأجيب بان سنة الله المتمثلة بالحتمية التاريخية لم تسجلا نصرا وتمكينا إلا للشعوب التحررية وقطاعات المظلومين وبأن ظاهرة الخيانة والتواطىء لابد ان تلفظها الشعوب ، ومصير معتنقيها اعواد المشناق ومزابل التاريخ ، اما جيفهم العفنة فإن الارض تحضنها على مضض ما تلبث أن تلفظهم في أي لحظة سانحة .... فعودوا لإحضان شعبكم قبل فوات الاوان واعلموا أن رهانكم خاسر وسلوككم شائن وأن الهزيمة والاندثار هو مآلكم فالتاريخ لم يخطىء يوما... فهل من معتبر !!!.




عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

حركة فتح لأوباما ... قرع نعلك احلاماً !!






إن التاريخ يعيد نفسه كما تعيد الشمس كرتها من لحظة الغياب ، بتلك العبارة الخالدة والتي تلخص سيرورة التاريخ الانساني و مصائر صانعي احداثه ولاعبيه لابد أن نبدأ ، فما يحدث قي قلقيلية من مسلسل خياني و سلوك انتهازي مرضي و منسلخ عن المنظومة القيمية والاخلاقية لشعبنا الفلسطيني ومتنكر لتاريخ نضالاته الطويلة لا يمكن وضعه خارج السياق التاريخي ولا يمكن تحريره من سلطة هذه العبارة آنفة الذكر والتي أضحت سنة كونية تساعد في فهم كافة الظواهر ومن ضمنها ظاهرة الخيانة والتي أضحت عنوانا لمرحلة هامة ودقيقة من المراحل التي يعيشها شعبنا الفلسطيني .

فمسلسل الخيانة المستمرة فصوله في قلقيلية والتي تلعب فيه حركة فتح دور البطل تكرر كثيرا في التاريخ البشري ، فحركة فتح قبلت أن تنسلخ عن ارادة شعبها وأن تتحول لأداة رخيصة في يد الحلف الصهيو امريكي مقابل جملة من الوعودات بمستقبل سياسي ذي وزن وثقل وجملة من المناصب الهلامية ، وقبلت أن تحظى باحتقار الجميع كون الخيانة كانت فردا أو جهة لم تلق تقديرا حتى ممن يستخدمها كأداة ويغازلها ويمنيها ويقدم لها التسهيلات ويقابلها بالكلام المعسول والوجه الحسن ! ولكن تناسى هؤلاء أن نفس المصير ينتظر كل خائن ، فالحتمية التاريخية رسمت ذات النهايات لكل خائن وعميل مهما تحصن وتشرعن والتي كانت وعلى الدوام نهايات سوداوية ومؤلمة لا تشرف صفحات التاريخ بحملها إلا مرغمة ملزمة! .


جدلية الوهم والحلم المشروع ازاء وعودات أوباما !

ولعل التاريخ لم يغفل قضية ضيق الافق وانتفاء الحنكة السياسية للخائن كون المصالح الذاتية الضيقة ومسلسل الامنيات صنعت غشاوة منعتهم من فهم حقيقة الوعودات التي شكلت منطلقا لسولكهم الشائن ، فالإدارة الامريكية باعتبارها من اعطت الوعودات الاخيرة لعباس وزمرته – والتي شكلت الشرارة لبدء الاحداث الاخيرة - لا تحكمها نزوات شخص ولا خطاباته العاطفية والتي ارتدت في مصر اليوم طابع الوعظ والارشاد ، فمن يرسم سياسة العم سام منظومة متكاملة من أروقة صنع القرار ومراكز دراسات استراتيجية تؤثر فيها وبقوة الأيديولوجية البروستانتية ذات البعد الاسطوري القائم على ضرورة اعادة اليهود الي فلسطين والبعد الرأسمالي المصلحي الذي لايقيم وزنا للبعد الاخلاقي حيال الشعوب المظلومة وقضاياها العادلة بل باعتبارها عامل مؤثر على النشاط الاقتصادي الامريكي ومخططاته لا أكثر .

فالوعودات التي اطلقتها الادارة الامريكية لعباس - والتي احتفلت بعيدها الواحد والستين قبل ايام- وتصريحات الادانة " الحضارية والمنمقة " للكيان الصهيوني وضرورة اقامة الدولة الفلسطينية ليست بالجديدة و لم تتجسد يوما على الارض ولم تؤثر في السلوك الصهيوني الذي لا يقيم وزنا للطرف الفلسطيني ولا يؤمن بوجوده ، وكذلك طبيعة العلاقة الامريكية مع الكيان الصهيوني والتي هي في جوهرها علاقة دعم لا متناهي لها ابعاد ايديولوجية ومصلحية كبيرة لا يمكن ان تسوء يوما على حساب الطرف الفلسطيني فمن غير المعقول ان يضحي العم سام "بدولته الوظيفية " مقابل الايفاء بوعودات لن تعود عليه بنفع كبير ولم تكن يوما على سلم اولوياته ، بل كانت وعلى الدوام مستحضرات تجميلية لصورته المترنحة والقبيحة .

وبناء على ما سبق وفي ضوء الفهم السياسي للسلوك الامريكي لا يمكن التعويل على الدبلوماسية الامريكية والخطاب العاطفي الذي لم يترجم يوما لقرارات سياسية نافذة حيال الحق الفلسطيني ، وهذا يقود إلى أن التعويل الفتحاوي على السياسية الامريكية والتي انسلخت بموجبه فتح عن شعبها وتحولت لأداة رخيصة بأيدي امريكا والصهاينة مجرد وهم يدحضه البعد التاريخي للسلوك الامريكي ازاء مجمل القضايا العربية ومنها قضيتنا الفلسطينية .

المشروع الخياني بين التكريس والعبثية !

ولعل كل مشروع خياني لابد له من ابواق اعلامية ومنظومة فكرية تحاول تكريسه في الواقع وزرعه في أدمغة شرائح مجتمعية ستشكل الحاضن لذلك المشروع ، وهذا لا يتم بطبيعة الحال إلا بانتهاج طرق لااخلاقية في جوهرها ، فمن الروايات الاعلامية الكاذبة – الاعلام جوبلزي بامتياز- والمفبركة والتي تمثلت في واقعنا بالروايات الكاذبة حول حقيقة الجرائم التي تمارسها فتح ضد ابناء القسام في الضفة إلى خطاب يرتدي طابع الواقعية والتسليم بموازين القوى ومحاولة شرعنة السلوك البراغماتي المفرط إلى جملة من المشاريع الاجتماعية تتلخص ماهية الممارسة التي ينتهجها المشروع الخياني لتوطيد بقائه لأمد طويل والتي يغلب عليها المال السياسي وشراء الذمم والذي نلحظه جليا في الضفة .

لكن تاريخيا لم يكتب لهذا النهج رغم ما يمتلك من حرفية عالية وحنكة وخبث على درجات عالية من الفاعلية و النجاح أمام المشروع المقاوم ومنظومته التي غالبا ما كانت قاصرة على مجابهة النهج الخياني وادواته ، ولعل الأمر عائد لعدة اسباب اهمها أن مطامع العدو التي لا تنتهي وانعكاساتها السلبية ستكون حائلا أمام استمرار عمليات كي الوعي لاقناع الشعب بجدوى هذا المشروع والذي يتمثل في حالتنا الفلسطينية باستمرار فرض الحقائق على الارض من قبل الصهاينة واستمرار عملية قضم الاراضي وتوسيع الاستطيان امام محاولة اشباع العقول المغررة باحلام الدولة المنشودة ، وهو عائد ايضا لطبيعة النظام السياسي للمشروع الخياني والذي سيصبح عآجلا أم آجلا نظام تنخر به قضايا الفساد الاأخلاقي والاداري لطبيعته الانتهازية ، وهذا يقود إذا ما أسقط على واقع الضفة وسيطرت حركة فتح عليها الى عبثية المخطط الفتحاوي في إقناع الشرائح المجتمعية بجدوى نهجهم الفاقد للفاعلية والذي في حقيقته هو استهداف للمشروع الفلسطيني الحقيقي ومقومات صموده ومشروعه المقاوم امام التحديات التي تستهدفه وجوديا ، ولهذا ومن بعد تاريخي واضح فإن هذه التجربة الخيانية لن يكتب لها النجاح كسابقاتها من التجارب وستقوض كحتمية تاريخية لمسار ما زال يثبت فشله وخيانته للحق الفلسطيني .


" الخارجين على القانون " مصطلح ملازم للشرفاء !

لعل مصطلح الخارجين على القانون يحمل ومن بعد تاريخي يرتبط بالشعوب التحررية على وجه الخصوص مضامين تناقض شكلية المصطلح ، فكل أحرار العالم - خاصة في العصر الحديث - نعتوا بذلك الوصف ، ولعلي أذكر هنا ماوتسي تونغ وهوتشي منه وجيفارا وغيرهم والذين كتبوا بماء الذهب في صفحات العظماء رغم كل تلك النعوت التي حاولت تلك الجماعات الخيانية يائسة أن تزرعها في عقول شعوبهم للفظهم وعدم اتباع نهجهم وفكرهم المقاوم قوبلت بالرفض والالتفاق الشعبي خلفهم بل وتحولهم لرموز عالمية ومدراس نضالية بكل ما تحمل الكلمة من معنى .

فالمصطلح إذن يحمل مدلولات ايجابية تضفي كل معاني الشرف والافتخار على من يوصف بها ، فلا ضير اذن أن يكون ابطال القسام خارجين عن القانون ، وأي قانون ؟!! قانون فرضه الاحتلال ليكرس سيطرته ونفوذه .. قانون استمراء الذل والخنوع .. قانون الانسلاخ عن الشعب وهويته الوطنية ....

واخيرا إن معارك الشرف ستستمر وإن صراع المشروع الخياني والمقاوم صراع يتكرر في تجارب الشعوب التحررية ، لكن كانت النتيجة واحدة لا تتغير ، فالمشروع المقاوم سينتصر رغم كل الحملات التشويهية ورغم كل العوائق ، والتاريخ لم يخذل يوما شعبا مقاوما لعدوه مهما كانت قوة عدوه المادية !!


عامر سعد




للإطلاع على التفاصيل

المال السياسي إذ يرسم خارطة المنطقة !!





في ظل استمرار الصراع المحتدم والمشبوب بين محوري الممانعة والاعتدال في منطقتنا الشرق أوسطية وتبلور أهم معالمه ووضوح مدخلاته ومخرجاته والعوامل الصانعة له بعد أن شهد مراحل جنينية شكلت ولسنوات ستارا أخفى الاوجه السلبية والقذرة لهذا الصراع ، أصبح بالإمكان الحصول على استقراء غوري وتفسير دقيق لا يقبل التأويل إزاء كل جولات الصراع وافرازاته الممتدة في طول المنطقة وعرضها .

لكن وفي آخر جولتين من الصراع الآنف الذكر – فلسطين ولبنان - والذي اعاد رسم خارطة المنطقة سياسيا واجتماعيا برز عامل الاقتصاد السياسي وعلى وجه الخصوص المال السياسي كعامل جوهري يحدد ماهية مخرجات تلك الجولات والتي انعكست بطبيعة الحال على الحياة السياسية والبنية الاجتماعية في تلك البلدان مما أدى إلى كوارث وويلات كبيرة لما لهذا العامل من آثار تدميرة تهدد الاستقرار وتخلط الاوراق وتنسف المفاهيم وتهدد النسيج الاجتماعي وتقولب المدركات بطريقة قذرة يصعب تداركها بسهولة .

ولعل هذا العامل – اذا أخد بكليته " الاقتصاد " - غائر في القدم وليس بالامر المحدث في سيرورة التاريخ البشري وليس جديدا في جل الفلسفات التي حاولت فهم التاريخ وصياغة نظريات علمية لنهضة شعوب الارض ، بل تطرف البعض واعتبره المسبب الرئيسي في نشوء الظواهر الانسانية وتشكل الوعي البشري وبالتالي التاريخ البشري ككل ، وهذا عائد لسطوة ذلك العامل على النفس البشرية خاصة إن كانت تعاني من جملة من الامراض والآفات وايضا إذا تم استخدام هذا العامل بانتهازية لخدمة طبقات مجتمعية أو تكتلات سياسية وهذا ما حدث في منطقتنا للأسف حيث ارتدى هذا العامل ديكتاتورية صرفة ازاء رسم الخارطة السياسية والاجتماعية منحيا العوامل الاخرى والذي أدى لمزيد من الاضمحلال والانحطاط في واقعنا ووضع عوائق جديدة امام المشروع النهضوي والمقاوم لكل التحديات والمخططات التي تستهدفه .


المال السياسي انعكاس للضعف الحزبي !

وبما أننا نتناول المال السياسي كمصطلح أضحى يرتبط ببعض التكتلات والاحزاب السياسية التي تمثل بعض الشرائح المجتمعية في الحياة السياسية ، وبما ان الحزب يعني وبشكل مبسط بانه جماعة معينة من الافراد المنظمين تسعى للوصول للحكم لتطبيق برنامجها السياسي المعبر عن آمال وطموحات التربة المجتمعية التي أفرزتهم بانتهاج "وسائل مشروعة " ، فإن تحقيق الهدف الاستراتيجي لبعض الاحزاب – الذي هو سبب وجودها - لم يقتصر على الوسائل المشروعة كمفهوم جذاب تزدان به الكراسات الحزبية بل تجاوزه لانتهاج وسائل لا اخلاقية وانتهازية من ضمنها المال السياسي والذي في جوهره هو عملية شراء ذمم بعيدا عن السلوك الصحي للأحزاب والذي يتمثل في عمليات التعبئة والتنظير والاقناع للشرائح المجتمعية وتقديم الخدمات وتبني البرامج التي تعبر عن هموم الشعب وتطلعاته .

ولقد اثبتت التجارب التاريخية ان النظم والتكتلات السياسية تلجا لهذه الوسيلة عندما تفقد ديناميتها وقدرتها على التأثير في الحياة العامة ، وهذا يقود إلى ان السلوك الشائن والبعيد عن التنافس الحزبي الشريف من قبل بعض اطراف محور الاعتدال خاصة في لبنان كما اثبتت الانتخابات الاخيرة ومحاولات حركة فتح في انتخابات 2006 يندرج في سياق الافلاس الحزبي في التنظير والتحشيد والتعبئة وبلورة شرائح داعمة لرؤى الحزب والإلتفاف حول تصوراته بدون استخدام مؤثر لااخلاقي ومتحلل من كل المنظومات القيمية والمسلكية ، وهذا ما أدى وسيؤدي إلى تداعيات سلبية تطال الحياة العامة بكل تجلياتها ورسم خارطة سياسية مجتمعية هشة وقابلة للسقوط وغير قادرة على النمو والنهوض الحقيقي .


في تربة التقشف الفكري يزدهر المال السياسي !

ولعل المال السياسي كغيره من العوامل بحاجة لتربة مناسبة لكي يزدهر بها ويؤتي ثماره ، وهذه التربة هي حالة التقشف والخواء الفكري وانتفاء الوعي الشعبي – دون اغفال البعد السيكولوجي المرضي للبعض- بطبيعة المرحلة و بمحددات الحياة السياسية وماهية التحديات والعوائق التي تقف حائلا امام النهضة المنشودة والانعتاق من نير الاحتلال وتسلطه على مقدرات الشعب ومنجزاته ، وهذا بتنا نلمسه في واقعنا الفلسطني .

ناهيك عن صرف النظر من قبل أصحاب الخواء الفكري عن تحول الاحزاب التي تنتهج المال السياسي لادوات رخيصة في يد المحتل – كنتيجة طبيعية - كون المال السياسي قابل للنفاذ وبحاجة لمنابع دائمة ، وهذا المال لا يتأتى في حالتنا العربية التي تعاني العجر إلا من خلال قنوات امبريالية معروفة الوجهة والاهداف والتي لن تكون بأي حال متناغمة مع اهدافنا وطموحاتنا مما يعني التسليم بسيادة ارادة الغير على مجريات حياتنا وتحولنا لعبيد تعيش على الفتات .

وللأسف فإن حالة التقشف الفكري مستمرة رغم محاولات محور الممانعة كي الوعي العربي ازاء القضايا التي تهمه والتحديات التي تواجه ، حيث افرزت الانتخابات اللبنانية الاخيرة استمرار تلك الحالة وتكرسها لدى شرائح مجتمعية كبيرة ، والذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى مزيد من عمليات شراء الذمم وانتفاء المقاومة للمشاريع الهادفة للتماهي والذوبان في الجسد الامبريالي وفقدان البوصلة والهوية الوطنية والتي كانت وعلى الدوام تمثل الرافعة لأي جهد تنموي ونهضوي يهدف لإنتشال الامم من براثن الانحطاط .


المال السياسي هل يتحول إلى وباء عالمي ؟!

وفي ضوء ما تقدم فإن استمرار هذا النهج من قبل البعض مستغلين حالة التقشف الفكري وتسطيح العقول خاصة في منطقتنا ينذر بكوارث ستقوض المنجزات التي تم احرازها في الاونة الاخيرة خاصة على الساحتين اللبنانية والفلسطنية ، وينذر برسم خارطة قاتمة وسوداوية مما يعني استمرار الانحطاط والذوبان الذي يتم تغليفه بشعارات رومنسية اثبتت التجارب زيفها .

وإزاء ذلك نحن بحاجة لعمل دؤوب يستهدف الشرائح المجتمعية وبكافة الوسائل المشروعة وبمنهجية عالية ، ولعل فلسفة التغيير الاجتماعي تعتبر حلا ناجعا لمعالجة هذا المرض والتي تهتم بخلق جيل واعي بقضاياه وقادر على مقاومة هذه المرض من خلال تكوين فكري متين يصعب اختراقه وخداعه بسهولة .

أما إن لم تعالج تلك الآفة و التي باتت تهدد الحياة السياسية والاجتماعية وتنذر بحالات جديدة من الاقتتال الداخلي وتفتت النسيج الاجتماعي والتأثير على مجمل الحياة العامة ، فإن تلك الآفة ستتحول لوباء يقضي على هوية المنطقة سياسيا وحضاريا .





عامر سعد
للإطلاع على التفاصيل

إعلام وكالة معا ... من سلطة رابعة إلى سلطة خانعة !!عامر سعد






لفترة قريبة كنت أتبنى وبحماسة طرحا يقف على النقيض من مقولة الفيلسوف البيرطاني الشهير ادموند بيرك والتي تنص على اعتبار الاعلام سلطة رابعة ، فالايقاع المتسارع لسيرورة العالم وجموحه الصاخب ومجمل عمليات التطور التقني والمعرفي الهائلين دفعني إلى اعتبار الإعلام سلطة اولى لها دور ريادي في حركة المجتمعات البشرية ولها اليد الطولى في تكوين البنى السياسية وتحديد ملامح السلوك الانساني .

وهي بهذا الدور تتخطى الدور الكلاسيكي الذي رسمه ادموند بيرك ومن بعده باعتباره سلطة رابعة لها دور رقابي على السلطات الثلاث ومجمل الظواهر المجتمعية بغية تقديم الحقيقة لجمهورها ومحاربة كل عمليات التضليل والتزييف ووضع الاقنعة ، مرتدية بالمقابل تاجها الملكي والذي تستقيه من مصداقيتها ومهنيتها بعيدا عن القولبة والجمود ووضعها على لوحة أدوات السياسين والمجموعات والاطر الانتهازية والضيقة .

الاعلام في فلسطين .. يرسف في قيود السياسيين !!

لكن ما جعل هذا الطرح الذي قدمته آنفا طرحا طوباويا لا يرقى لمستوى الواقع وتصيبه ارتكاسات تنفي عنه صفة الموضوعية ،واقع الاعلام في فلسطين وعلى وجه الخصوص من يتبنى الحياد الاعلامي - مستثنيا بذلك الإعلام الموجه والذي تناولته بابحاث ومقالات سابقة - والذي لم يقبل بالتربع على العرش الملكي المعد دائما للإعلام ورضي بدور الحاشية في بلاط بعض الاحزاب السياسية مما أدى إلى ان ترتقي مصطلحات التضليل والكذب والشكوك فوقه بكل يسر وسهولة ، متناسيا – الاعلام الفلسطيني " الحيادي " افتراضا - بذلك أهم المفاهيم والقواعد التي صاغت بنية الاعلام الحيادي والموضوعي والذي يجتهد في خلع رداء الولاء الحزبي ومحاربة النزوات الفردية والنضال الدؤوب لتقديم الحقيقة للرأي العام بوصفها الكفيلة ببقاء البوصلة موجهة اتجاه التحرر واستعادة الحقوق وتحقيق النهضة المنشودة .

وكالة معا وهرطقات الحيادية !!

لقد أصبح من الترف والعبثية الفكرية الحديث عن الحيادية في الاعلام الفلسطيني ، بل لم يعد مقبولا الابقاء على هذا المصطلح باعتباره تحول لأداة رخيصة في يد البعض يخفي وراءه قبحه وخسته ، وحتى لو سلمت لبعض المطبلين بوجود اعلام يقارب ذلك الوصف اصطلاحا في واقعنا الفلسطيني فهو لم يكن في يوم اعلاما حياديا حقيقيا بأية حال ، لأن الاعلام لم يكن في يوم حمارا يحمل اسفارا ولم يكن في يوم وسائط نقل لروايات لطالما حملت التضليل والكذب في احشائها ، بل كان وعلى الدوام اعلاما حاذقا يسبر اغوار الاحداث ومجمل السلوكيات المجتمعة بدون ان يرتاع من جلاديها وكل ذلك لتقديم الحقيقة وفهم الامور لا غير ، وليتهم – من ادعوا الحياد – لعبوا دور الاعلام الحيادي السلبي الذي يكتفي بنقل الروايات على علاتها !.

فما نشهده من سقوط الوسائل الاعلامية المتشدقة بالحيادية الخرافية في براثن بعض الاحزاب السياسية وتحولها الفاضح لجوقات مساندة لتلك الاحزاب والتكتلات هو المشهد المسيطر على الساحة الاعلامية في فلسطين ، وأصبح جل اهتمام بعض الوسائل الاعلامية التي تبنت الحيادية في بادىء امرها هو البقاء على قيد العمل ولو أدى ذلك الى نزع رداء الحيادية والقبول بالتلون الحزبي الفاقع مما أفقد الاعلام الفلسطيني المحايد مصداقيته ومهنيته في نقل الحقيقة للراي العام الفلسطيني والتي كانت وبلا شك ستسهم في فهم الاحداث الاخيرة التي سيطرت على ساحتنا الفلسطينية خاصة بعد الانتخابات التشريعية عام 2006 وإلى الان ، ومعرفة أي الاطراف الفلسطينية ما زال يسير على الخط الوطني المتعارف عليه في ابجدياتنا كفلسطينيين ومازال ينتهج اجندة ذات صناعة وطنية والتي لايمكن معرفتها سوى من خلال اعلام حيادي يسلط الضوء على ماهية الخطاب السياسي ومفاعيله على القضية الفلسطينة .

وهذا يقودني للحديث عن جوهر مقالتي اليوم وهو حقيقة اعلام وكالة معا الاخبارية الفلسطينية والتي تبنت الحيادية كعقيدة لها والسلوك المهني الموضوعي كشعار خلاب في تناولها لكافة حيثيات الشان الفلسطيني ، لكن تبين زيف تلك الشعارات وبان قبح تلك الوسيلة الاعلامية والتي توسم الكثيرون فيها خيرا .

فالحيادية تبين انها عقيدة جوفاء والسلوك المهني الموضوعي تبين انه شعار " ناصري " فضفاض بل والانكى من ذلك ان الوكالة غادرت الحيادية ليس لتنتقل لصفوف الحيادية السلبية أي نقل الروايات من كل الفرقاء الفلسطينين وعرضها كما هي ، بل تهاوت تلك الوكالة وارتضت ان تتحول لجوقة مساندة لحركة سياسية معروفة وأصبحت ناطقا باسم رواياتها وحبل نجاة لمآزقها وارتكاساتها الوطنية الفاضحة ، ومركزا لبث سموم تلك الحركة في مدركات الرأي العام دون ان ترتاع من خطورة ذلك وانعكاساته على القضية الفلسطينية التي تشدقت الوكالة بابرازها والعمل لأجلها .


وكالة معا في ضوء الاحداث الاخيرة !

وحتى لا يكون اتهامي انشاء سياسيا فاقدا للعلمية ، أردت أن اتطرق للأحداث الاخيرة التي حصلت في قلقيلية على وجه الخصوص وكيفية تعاطي وكالة معا معها ، فأقول الم يكن حريا بوكالة معا باعتبارها تتبنى الحيادية وبوجود رئيس تحرير حاذق وعلى درجة كبيرة من الفهم والوعي السياسي من التطرق لأحداث قلقيلية وان يقدم ناصر اللحام كما يفعل دائما مع اي حدث جلل على ساحتنا الفلسطينية او الدولية تحليلا يقف فيه على حقيقة الامور ؟؟!! أم أن ناصر اللحام أصبح عشية احداث قلقيلية انسانا قاصرا عن فهم الاحداث السياسة على ساحتنا الفلسطينة وعاجزءاً عن حلحلتها ؟؟!! وهل تخلى ناصر اللحام ووكالة معا عن المهنية الاعلامية المتمثلة باظهار الحقيقة لجمهورها بعدم تقديم تحليل غوري يكشف حقيقة الاحداث ويريح الانفس ويضع حدا للتضارب الكبير في الروايات والشيطنة المتبادلة ؟؟!! وهل الاعتماد على استطلاع رأي غير مهني عقب الاحداث ينهى المسؤولية الاعلامية يا معا!!

وليت الموقف من قبل الوكالة توقف عند عدم اظهار الحقائق ، بل ارتكبت الوكالة جريمة لا تغتفر بالاسقاط المتعمد لروايات مراكز حقوق الانسان ، فلقد قدم مركز الميزان لحقوق الانسان رواية حول احداث قلقيلية لكن لم تعره الوكالة اهتماما وتعمدت اخفاءه قصدا ، والباعث على الأسى أن الوكالة تبنت وبعد ايام تقرير لمركز الميزان حول قضية اخرى تخص الشان الفلسطيني ، فهل الحيادية والموضوعية مزاجية وانتقائية في عرف معا أم انها المؤامرة والتماهي مع احد الاطراف على حساب الآخر !! .

على ضوء ما تقدم أوجه رسالة اخيرة لوكالة معا مفادها بأن الغلالة التي تخفين وراءها سوءتك قد سقطت وبأن هوية الوكالة لم تكن بيوم حيادية وطنية ، ولعلي هنا لم اتطرق لكيفية نشات تلك الوكالة ومن دعمها ولم اتوقف على كثير من المخالفات والتعاطي السلبي الشائن ازاء كثير من الاحداث السياسية على ساحتنا الفلسطينية ، لكن اقول بأن الشمس لا تغطى بغربال وبان رائحة الانحياز والتلون الفاضح أزكمت انوف كل فلسطيني ،فمتى العودة يا وكالة معا ؟؟ متى العودة لتقديم اعلام حيادي يحمل الهم الوطني والذي ما زلت موقنا بتمثله في واقعنا يوما ما ؟؟؟ متى تعودين كصاحبة جلالة تتربعين على عرشك وتلبسين تاجك دون عودة لدور الخادمة في حاشية البعض ؟؟ متى يعود الاعلام لسلطة رابعة على الاقل بعد ان ساهمت بتحويله لسلطة خانعة ذليلة تنسلخ عن ادوارها الاساسية ؟؟ متى .......



عامر سعد

للإطلاع على التفاصيل