17.6.09

حركة فتح لأوباما ... قرع نعلك احلاماً !!






إن التاريخ يعيد نفسه كما تعيد الشمس كرتها من لحظة الغياب ، بتلك العبارة الخالدة والتي تلخص سيرورة التاريخ الانساني و مصائر صانعي احداثه ولاعبيه لابد أن نبدأ ، فما يحدث قي قلقيلية من مسلسل خياني و سلوك انتهازي مرضي و منسلخ عن المنظومة القيمية والاخلاقية لشعبنا الفلسطيني ومتنكر لتاريخ نضالاته الطويلة لا يمكن وضعه خارج السياق التاريخي ولا يمكن تحريره من سلطة هذه العبارة آنفة الذكر والتي أضحت سنة كونية تساعد في فهم كافة الظواهر ومن ضمنها ظاهرة الخيانة والتي أضحت عنوانا لمرحلة هامة ودقيقة من المراحل التي يعيشها شعبنا الفلسطيني .

فمسلسل الخيانة المستمرة فصوله في قلقيلية والتي تلعب فيه حركة فتح دور البطل تكرر كثيرا في التاريخ البشري ، فحركة فتح قبلت أن تنسلخ عن ارادة شعبها وأن تتحول لأداة رخيصة في يد الحلف الصهيو امريكي مقابل جملة من الوعودات بمستقبل سياسي ذي وزن وثقل وجملة من المناصب الهلامية ، وقبلت أن تحظى باحتقار الجميع كون الخيانة كانت فردا أو جهة لم تلق تقديرا حتى ممن يستخدمها كأداة ويغازلها ويمنيها ويقدم لها التسهيلات ويقابلها بالكلام المعسول والوجه الحسن ! ولكن تناسى هؤلاء أن نفس المصير ينتظر كل خائن ، فالحتمية التاريخية رسمت ذات النهايات لكل خائن وعميل مهما تحصن وتشرعن والتي كانت وعلى الدوام نهايات سوداوية ومؤلمة لا تشرف صفحات التاريخ بحملها إلا مرغمة ملزمة! .


جدلية الوهم والحلم المشروع ازاء وعودات أوباما !

ولعل التاريخ لم يغفل قضية ضيق الافق وانتفاء الحنكة السياسية للخائن كون المصالح الذاتية الضيقة ومسلسل الامنيات صنعت غشاوة منعتهم من فهم حقيقة الوعودات التي شكلت منطلقا لسولكهم الشائن ، فالإدارة الامريكية باعتبارها من اعطت الوعودات الاخيرة لعباس وزمرته – والتي شكلت الشرارة لبدء الاحداث الاخيرة - لا تحكمها نزوات شخص ولا خطاباته العاطفية والتي ارتدت في مصر اليوم طابع الوعظ والارشاد ، فمن يرسم سياسة العم سام منظومة متكاملة من أروقة صنع القرار ومراكز دراسات استراتيجية تؤثر فيها وبقوة الأيديولوجية البروستانتية ذات البعد الاسطوري القائم على ضرورة اعادة اليهود الي فلسطين والبعد الرأسمالي المصلحي الذي لايقيم وزنا للبعد الاخلاقي حيال الشعوب المظلومة وقضاياها العادلة بل باعتبارها عامل مؤثر على النشاط الاقتصادي الامريكي ومخططاته لا أكثر .

فالوعودات التي اطلقتها الادارة الامريكية لعباس - والتي احتفلت بعيدها الواحد والستين قبل ايام- وتصريحات الادانة " الحضارية والمنمقة " للكيان الصهيوني وضرورة اقامة الدولة الفلسطينية ليست بالجديدة و لم تتجسد يوما على الارض ولم تؤثر في السلوك الصهيوني الذي لا يقيم وزنا للطرف الفلسطيني ولا يؤمن بوجوده ، وكذلك طبيعة العلاقة الامريكية مع الكيان الصهيوني والتي هي في جوهرها علاقة دعم لا متناهي لها ابعاد ايديولوجية ومصلحية كبيرة لا يمكن ان تسوء يوما على حساب الطرف الفلسطيني فمن غير المعقول ان يضحي العم سام "بدولته الوظيفية " مقابل الايفاء بوعودات لن تعود عليه بنفع كبير ولم تكن يوما على سلم اولوياته ، بل كانت وعلى الدوام مستحضرات تجميلية لصورته المترنحة والقبيحة .

وبناء على ما سبق وفي ضوء الفهم السياسي للسلوك الامريكي لا يمكن التعويل على الدبلوماسية الامريكية والخطاب العاطفي الذي لم يترجم يوما لقرارات سياسية نافذة حيال الحق الفلسطيني ، وهذا يقود إلى أن التعويل الفتحاوي على السياسية الامريكية والتي انسلخت بموجبه فتح عن شعبها وتحولت لأداة رخيصة بأيدي امريكا والصهاينة مجرد وهم يدحضه البعد التاريخي للسلوك الامريكي ازاء مجمل القضايا العربية ومنها قضيتنا الفلسطينية .

المشروع الخياني بين التكريس والعبثية !

ولعل كل مشروع خياني لابد له من ابواق اعلامية ومنظومة فكرية تحاول تكريسه في الواقع وزرعه في أدمغة شرائح مجتمعية ستشكل الحاضن لذلك المشروع ، وهذا لا يتم بطبيعة الحال إلا بانتهاج طرق لااخلاقية في جوهرها ، فمن الروايات الاعلامية الكاذبة – الاعلام جوبلزي بامتياز- والمفبركة والتي تمثلت في واقعنا بالروايات الكاذبة حول حقيقة الجرائم التي تمارسها فتح ضد ابناء القسام في الضفة إلى خطاب يرتدي طابع الواقعية والتسليم بموازين القوى ومحاولة شرعنة السلوك البراغماتي المفرط إلى جملة من المشاريع الاجتماعية تتلخص ماهية الممارسة التي ينتهجها المشروع الخياني لتوطيد بقائه لأمد طويل والتي يغلب عليها المال السياسي وشراء الذمم والذي نلحظه جليا في الضفة .

لكن تاريخيا لم يكتب لهذا النهج رغم ما يمتلك من حرفية عالية وحنكة وخبث على درجات عالية من الفاعلية و النجاح أمام المشروع المقاوم ومنظومته التي غالبا ما كانت قاصرة على مجابهة النهج الخياني وادواته ، ولعل الأمر عائد لعدة اسباب اهمها أن مطامع العدو التي لا تنتهي وانعكاساتها السلبية ستكون حائلا أمام استمرار عمليات كي الوعي لاقناع الشعب بجدوى هذا المشروع والذي يتمثل في حالتنا الفلسطينية باستمرار فرض الحقائق على الارض من قبل الصهاينة واستمرار عملية قضم الاراضي وتوسيع الاستطيان امام محاولة اشباع العقول المغررة باحلام الدولة المنشودة ، وهو عائد ايضا لطبيعة النظام السياسي للمشروع الخياني والذي سيصبح عآجلا أم آجلا نظام تنخر به قضايا الفساد الاأخلاقي والاداري لطبيعته الانتهازية ، وهذا يقود إذا ما أسقط على واقع الضفة وسيطرت حركة فتح عليها الى عبثية المخطط الفتحاوي في إقناع الشرائح المجتمعية بجدوى نهجهم الفاقد للفاعلية والذي في حقيقته هو استهداف للمشروع الفلسطيني الحقيقي ومقومات صموده ومشروعه المقاوم امام التحديات التي تستهدفه وجوديا ، ولهذا ومن بعد تاريخي واضح فإن هذه التجربة الخيانية لن يكتب لها النجاح كسابقاتها من التجارب وستقوض كحتمية تاريخية لمسار ما زال يثبت فشله وخيانته للحق الفلسطيني .


" الخارجين على القانون " مصطلح ملازم للشرفاء !

لعل مصطلح الخارجين على القانون يحمل ومن بعد تاريخي يرتبط بالشعوب التحررية على وجه الخصوص مضامين تناقض شكلية المصطلح ، فكل أحرار العالم - خاصة في العصر الحديث - نعتوا بذلك الوصف ، ولعلي أذكر هنا ماوتسي تونغ وهوتشي منه وجيفارا وغيرهم والذين كتبوا بماء الذهب في صفحات العظماء رغم كل تلك النعوت التي حاولت تلك الجماعات الخيانية يائسة أن تزرعها في عقول شعوبهم للفظهم وعدم اتباع نهجهم وفكرهم المقاوم قوبلت بالرفض والالتفاق الشعبي خلفهم بل وتحولهم لرموز عالمية ومدراس نضالية بكل ما تحمل الكلمة من معنى .

فالمصطلح إذن يحمل مدلولات ايجابية تضفي كل معاني الشرف والافتخار على من يوصف بها ، فلا ضير اذن أن يكون ابطال القسام خارجين عن القانون ، وأي قانون ؟!! قانون فرضه الاحتلال ليكرس سيطرته ونفوذه .. قانون استمراء الذل والخنوع .. قانون الانسلاخ عن الشعب وهويته الوطنية ....

واخيرا إن معارك الشرف ستستمر وإن صراع المشروع الخياني والمقاوم صراع يتكرر في تجارب الشعوب التحررية ، لكن كانت النتيجة واحدة لا تتغير ، فالمشروع المقاوم سينتصر رغم كل الحملات التشويهية ورغم كل العوائق ، والتاريخ لم يخذل يوما شعبا مقاوما لعدوه مهما كانت قوة عدوه المادية !!


عامر سعد




هناك تعليق واحد: